يسن كما قال ابن حجر المكي في حاشية الإيضاح نقلاً عن مصنفه افتتاح دعاء الاستخارة وختمه أي كسائر الأدعية بالحمد لله والصلوة على رسوله صلى الله عليه وسلم. وفي حديث أبي أيوب ما يشهد بالافتتاح بالتحميد والتمجيد في خصوص دعاء الاستخارة ومن الأدلة العامة الدالة على سنية الافتتاح بما ذكرنا مطلقاً ما عزاه السيوطي لأبي داود والترمذي وابن حبان والحاكم والبيهقي عن فضالة بن عبيد مرفوعاً إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليدع بما شاء. وأما البسملة فلم أقف على ما يدل على سنية افتتاح الأدعية بها. وحديث كل أمر ذي بال الخ ليس على عمومه بل هو خاص فيما لم يجعل له الشارع مبدءاً كالصلوة ولا يبعد نظم الدعاء في سلكها فتأمل.
اختلفوا فيما يقرأ في ركعتي صلوة الاستخارة فأفاد النووي أنه يقرأ في الأولى الكافرون وفي الثانية الإخلاص أي بعد الفاتحة فقال الحافظ زين الدين العراقي لم أقف على دليل لذلك ولعله ألحقهما بركعتي الفجر والركعتين بعد المغرب ولهما مناسبة بالحال لما فيهما من الإخلاص والتوحيد والمستخير يحتاج لذلك. ثم قال ومن المناسب أن يقرأ فيهما مثل قوله تعالى) وربك يخلق ما يشاء ويختار (وقوله سبحانه) وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم (. وقال في فتح الباري والأكمل أن يقرأ في كل منهما السورة والآية الأوليتين في الأولى والآخرتين في الثانية. وفي أمالي الصابوني عن أبي جعفر محمد بن حسين عن أبيه زين العابدين على جدهم وعليهم الصلوة والسلام أنه كان يقرأ في صلوة الاستخارة بسورة الرحمن وسورة الحشر. قال الصابوني وأنا أقرأ فيهما بسبح اسم ربك الأعلى لأن فيها ونيسرك لليسرى وأقرأ والليل إذا يغشى لأن فيها فسنيسره لليسرى. وفيما ذكر ما يشعر بأن رعاية المناسبة مندوب إليها وهو كذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ليتمم مكارم الأخلاق وهي الآداب الشرعية الظاهرة والباطنة القولية والفعلية وهي أن يعامل كل شيء بما يليق به مما يحمده منك. فالأوضاع الشرعية كلها على المناسبة أما ظاهرة وأما خفية ولعل المناسبة فيما كان يقرأ زين العابدين أن في الأولى كل يوم هو في شأن وفي الثانية الأسماء الحسنى التي يدعى بها جل جلاله والله تعالى أعلم. فمغزى أهل البيت بعيد) وأقول (لا يبعد أن يعد من المناسب قراءة والضحى وألم نشرح لما في ذلك من التفاؤل كما لا يخفى.
من المقرر في محله أن كل صلوة لها سبب متقدم على فعلها أو مقارن لفعلها فهي لا تكره في الأوقات المكروهة وكل صلوة لا سبب لها أولها سبب متأخر فهي مكروهة. أو اختلف في صلوة الاستخارة فعن النووي أنه قال في شرح المهذب أنها ذات سبب متقدم وهو الهم بالأمر والعزم عليه كما يقتضيه قوله عليه الصلوة والسلام إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين حيث وقع الأمر جزاء ومسبباً عن الهم الذي هو شرط. وقال الهيتمي في التحفة إنها ذات سبب متأخر ونوزع بأن السبب الإرادة لا الفعل ويرد بمنع ذليل هو السبب الأصلي والإرادة من ضروريات وقوعه انتهى. واعترض بأن قوله الفعل هو السبب الأصلي دعوى لم يثبتها وقوله والإرادة الخ لا تقريب فيه إذ لا منافاة بين كون الإرادة سبباً للصلوة وكونها من ضروريات الوقوع ولا يلزم كونها من ضروريات الوقوع أن يكون الفعل هو السبب الأصلي لا الإرادة فيحتاج إلى دليل يثبت مدعاه ولم يأت بشيء فتأمل وانصف.