) فمن هاتيك الأبحاث العلية (التي ذهب أكثرها من ذهني بالكلية. وهو في مبادئ ابتسام ثغر مقاصدي بالجلوس في مجلسه. وابتهاج مواقفي بإشراق أنوار طوالع أنسه. وأوائل توجهه لجبر كسر قلبي. وسعيه في تكذيب ظنون السوء بي. أنه قال ماذا أجبت عن السؤال. في قول الله الملك المتعال.) يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم (فقلت يا مولاي وما السؤال فليس لي به وحرمة علمك علم. فقال هو إن بعض الظن إثم في موقع التعليل. لما تضمنه ما قبله من الكلام الجليل. مع أنه لا استلزام بين اجتناب الكثير. وكون بعض الظن إثماً موقعاً في الأمر الخطير. فيجوز أن يجتنب المؤمن الكثير من الظن ويتقي. ويكون البعض الذي هو إثم فيما بقي. فحيث كان هذا في المبادئ. لم يساعدني على الجواب لساني وفؤادي. فلم أنطق ببنت لساني. حتى أنك لو رأيتني لتوهمت أني عديم بياني. فقال ما لك سكت عن البيان. وأنت مفسر القرآن. فقلت يا إمام ذوي التدقيق على التحقيق. ومن إذا دارت رحى فكره ذرت على ذوي المتربة بكل معنى دقيق. قد ضعفت ذهني لقوة هذا السؤال. وجف فمي لمزيد حرارة تعجبي من طراوة ذلك المقال. وأني قد صرفت نقد عمري في تتبع دقائق كرائم الآي. فلم أظفر إلى هذه الساعة بهذه الدقيقة التي تفضل بها حضرة مولاي. فأفد فديتك عبدك. وابن له لا بنت ما عندك. فقد شرد أسد جلالك مهاة لبي. وخطف من يدي بازي سؤالك قطاة قلبي. فتبسم وقال. مجيباً عن السؤال أن مبنى هذه المسألة المشكلة. ظن أن كثيراً مفعول به لاجتنبوا ومن الظن متعلقاً به يندفع السؤال. وتنحل عقدة الإشكال. كما لا يخفى على منتبه إذ يكون المعنى ح اجتنبوا من الظن اجتناباً كثيراً. وأبعدوا عنه بعداً وفيراً. فإن بعضه إثم. فيكاد يقع فيه من لم يجتنبه عن غير علم. فقلت يا مولا لا زلت ولي كل نعمة. وكشافاً بنسائم التقرير عن معالم أفئدة الطلبة غمائم كل غمة. فلقد أتيت بما لا أظن أن وراءه مرمى لرام. وهيهات أين أذهان أطفال العلماء من ذهن شيخ الإسلام. فسكن وسكتنا. وفي أبحاث أخر خضنا. ثم أني راجعت في ذلك تفسير روح المعاني. فرأيتني لم أسلك سبيلاً إلى هاتيك المغاني. واتفق أن أرسلت السؤال والجواب إلى بغداد. ليطلع عليهما علماؤها الأمجاد. فأرسلهما بعض الأجلة إلى الحدباء. فكتب في ذلك عبد الله أفندي العمري رئيس من فيها من العلماء.) وهذا ما كتبه (قوله تعالى) يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم (أوردوا هاهنا أشكالاً وهو أن المطلوب اجتناب ما هو إثم من الظن وباجتناب الكثير من الظن قد لا يتحقق اجتناب ذلك البعض الذي هو إثم لجواز أن يكون ذلك البعض خارجاً عن تلك الأفراد الكثيرة) وقد أجاب (عن هذا الإشكال شيخ الإسلام حضرة عارف حكمت بك أفندي بأن كثيراً واقع موقع المفعول المطلق ومن الظن متعلق باجتنبوا أي اجتنبوا من الظن اجتناباً كثيراً ولا تقربوه أصلاً لأن بعضه إثم وكل ما هذا شأنه ينبغي أن يجتنب اجتناباً كثيراً ولا يقرب خشية الوقوع فيما هو إثم منه انتهى.