لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ إنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» .
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» وَلَفْظُ مُسْلِمٍ «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِلَفْظِ «لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ إلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ» . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُ «بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» . وَابْنُ مَاجَهْ وَلَفْظُهُ «بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» .
وَعَنْ بُرَيْدَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ وَلَا نَعْرِفُ لَهُ عِلَّةً.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْ الْمَذْهَبِ كُفْرُ تَارِكِ الصَّلَاةِ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى يَتَضَايَقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ عَنْهَا وَلَوْ كَسَلًا وَتَهَاوُنًا بِشَرْطِ الدِّعَايَةِ مِنْ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ.
وَعِنْد الْآجُرِّيِّ مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا لَا تُعْتَبَرُ الدِّعَايَةُ وَأَنَّهُ يُقْتَلُ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا كُفْرًا وَيُصْنَعُ بِهِ كَسَائِرِ الْكُفَّارِ مِنْ مُوَارَاةِ جُثَّتِهِ، وَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُكَفَّنُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُدْفَنُ فِي قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ. وَعِنْدَ الْآجُرِّيِّ لَا تُوَارَى جُثَّتُهُ بَلْ يُلْقَى عَلَى الْمَزَابِلِ وَلَا كَرَامَةَ. وَلَا مَعْنَى لِكَثْرَةِ الِاسْتِدْلَالِ لِذَلِكَ مَعَ شُهْرَتِهِ. وَقَدْ سُئِلْت عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَجَبْت عَنْهَا فِي جُزْءٍ لَطِيفٍ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: جَاءَ عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبْلٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ فَرْضٍ وَاحِدٍ مُتَعَمِّدًا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا عَنْهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ، وَلَا نَعْلَمُ لِهَؤُلَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا.
قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَاتٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَمَنْ بَعْدَهُمْ إلَى تَكْفِيرِ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا لِتَرْكِهَا حَتَّى خَرَجَ جَمِيعُ وَقْتِهَا، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبْلٍ