الْعَيْنِ بَرَّاقُ الثَّنَايَا كُلَّمَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ رَدُّوهُ إلَى الْفَتَى، فَقُلْت لِجَلِيسٍ لِي مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَجِئْت مِنْ الْعِشَاءِ فَلَمْ يَحْضُرْ، فَغَدَوْت مِنْ الْغَدِ فَلَمْ يَجِئْ، فَرُحْت فَإِذَا أَنَا بِالشَّابِّ يُصَلِّي إلَى سَارِيَةٍ، فَرَكَعْت، ثُمَّ تَحَوَّلْت إلَيْهِ، قَالَ فَسَلَّمَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْت: إنِّي أُحِبُّك فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ» . قَالَ فَخَرَجْت حَتَّى لَقِيت عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَذَكَرْت لَهُ حَدِيثَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: «حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِي، وَالْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ» ذَكَرَهُ الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّبْصِرَةِ. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِلَفْظِ «قُلْت لِمُعَاذٍ وَاَللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّك لِغَيْرِ دُنْيَا أَرْجُو أَنْ أُصِيبَهَا مِنْك وَلَا قَرَابَةٍ بَيْنِي وَبَيْنَك، قَالَ: فَلِأَيِّ شَيْءٍ؟ قُلْت: لِلَّهِ، فَجَذَبَ حَبْوَتِي ثُمَّ قَالَ: أَبْشِرْ إنْ كُنْت صَادِقًا فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ يَغْبِطُهُمْ بِمَكَانِهِمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ» الْحَدِيثَ.

وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْثُرُ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَوَاصِلِينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِي» وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ جِدًّا.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الثَّوَابَ فِي هَذِهِ الْمَحَبَّةِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَتْ فِي اللَّهِ خَالِصَةً لَا يَشُوبُهَا كَدَرٌ، وَإِذَا قَوِيَتْ مَحَبَّةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقَلْبِ قَوِيَتْ مَحَبَّةُ أَوْلِيَائِهِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ، فَلْيَنْظُرْ الْإِنْسَانُ مَنْ يُؤَاخِي مِمَّنْ يُحِبُّ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَيَّرَ إلَّا مَنْ سَبَرَ عَقْلَهُ وَدِينَهُ.

وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ.

عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ، وَأَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَنْكَحَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015