حَسِيبَةً مِنْ كِرَامٍ (تَفُزْ) أَيْ تَظْفَرْ (إذَا) يَعْنِي بِنِكَاحِهَا (بِوُلْدٍ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْوَلَدُ مُحَرَّكَةٌ وَبِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَاحِدٌ وَجَمْعٌ، وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى أَوْلَادٍ وَوِلْدَةٍ بِالْكَسْرِ وَوُلْدٍ بِالضَّمِّ. وَمُرَادُ النَّاظِمِ هُنَا الْجَمْعُ بِشَهَادَةِ قَوْلِهِ (كِرَامٍ) جَمْعُ كَرِيمٍ وَتَقَدَّمَ تَعْرِيفُهُ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: أَصْلُ الْمَحَاسِنِ كُلِّهَا الْإِكْرَامُ، وَالتَّفَضُّلُ عَلَى الْخَاصِّ وَالْعَامِّ. وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
لَا تَنْكِحَنَّ سِوَى كَرِيمَةِ مَعْشَرٍ ... فَالْعِرْقُ دَسَّاسٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ
أَوَمَا تَرَى أَنَّ النَّتَائِجَ كُلَّهَا ... تَبَعُ الْأَخَسِّ مِنْ الْمُقَدِّمَتَيْنِ
ثُمَّ قَالَ النَّاظِمُ (وَالْبَكَارَةَ) بِالْفَتْحِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالْبِكْرُ بِالْكَسْرِ الْعَذْرَاءُ جَمْعُهَا أَبْكَارٌ، وَالْمَصْدَرُ الْبَكَارَةُ بِالْفَتْحِ، وَالْمَرْأَةُ وَالنَّاقَةُ إذَا وَلَدَتَا بَطْنًا وَاحِدًا، انْتَهَى.
وَفِي لُغَةِ الْإِقْنَاعِ: الْبِكْرُ بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ مِنْ النِّسَاءِ الْعَذْرَاءُ وَهِيَ الْبَاقِيَةُ الْعُذْرَةُ، وَهِيَ مَا لَهَا مِنْ الِالْتِحَامِ قَبْلَ الْفِضَاضِ، وَالِاسْمُ الْبَكَارَةُ بِالْفَتْحِ، وَمُطْلَقُ الْبِكْرِ مَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَالْجَمْعُ أَبْكَارٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا ذَاتُ الْبَكَارَةِ الَّتِي هِيَ الْعُذْرَةُ (فَاقْصِدْ) أَمْرٌ مِنْ قَصَدَ أَيْ عَمَدَ وَيَمَّمَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «فَهَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ تُعْرَفُ الْبِكْرُ بِأَنَّهَا وَلُودٌ؟ فَالْجَوَابُ يُعْرَفُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهَا مِنْ نِسَاءٍ يُعْرَفْنَ بِكَثْرَةِ الْأَوْلَادِ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَزَوَّجُوا الْأَبْكَارَ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا، وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا، وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ» . قَالَ فِي النِّهَايَةِ فِيهِ عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَنْتَقُ أَرْحَامًا أَيْ أَكْثَرُ أَوْلَادًا، يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ الْكَثِيرَةِ الْوَلَدِ نَاتِقٌ؛ لِأَنَّهَا تَرْمِي بِالْأَوْلَادِ رَمْيًا، وَالنَّتْقُ الرَّمْيُ وَالْحَرَكَةُ.
وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَسُنَنِ الْبَيْهَقِيّ عَنْ عُوَيْمِرِ بْنِ سَاعِدَةَ مَرْفُوعًا «عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا، وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا، وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ» .
وَفِي أَوْسَطِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ