وَقِيلَ: هُوَ هَمُّهُ بِسَبَبِ أُمَّتِهِ وَمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ أَحْوَالِهَا بَعْدَهُ فَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْفَتَرَاتُ وَالْغَفَلَاتُ عَنْ الذِّكْرِ الَّذِي كَانَ شَأْنُهُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ، فَإِذَا فَتَرَ عَنْهُ أَوْ غَفَلَ عَدَّ ذَلِكَ ذَنْبًا فَاسْتَغْفَرَ مِنْهُ. وَقِيلَ: غَيْنُ أَنْوَارٍ لَا غَيْنُ أَغْيَارٍ وَالْعَدَدُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ عَدَدٌ لِلِاسْتِغْفَارِ لَا لِلْغَيْنِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا «مَا جَلَسَ قَوْمٌ فِي مَجْلِسٍ فَخَاضُوا فِي حَدِيثٍ وَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا إلَّا غَفَرَ لَهُمْ مَا خَاضُوا فِيهِ» .
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «الْغِيبَةُ تَخْرِقُ الصَّوْمَ وَالِاسْتِغْفَارُ يُرَقِّعُهُ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَجِيءَ بِصَوْمٍ مُرَقَّعٍ فَلْيَفْعَلْ» . وَقِيلَ لِبَعْضِ السَّلَفِ: كَيْفَ أَنْتَ فِي دِينِك؟ قَالَ: أُمَزِّقُهُ بِالْمَعَاصِي وَأُرَقِّعُهُ بِالِاسْتِغْفَارِ. وَقِيلَ: إنَّهُ لِلذُّنُوبِ كَالصَّابُونِ لِإِزَالَةِ الْوَسَخِ.
قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ: قُلْت لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ يَوْمًا -: سُئِلَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَيُّمَا أَنْفَعُ لِلْعَبْدِ التَّسْبِيحُ أَوْ الِاسْتِغْفَارُ؟ فَقَالَ: إذَا كَانَ الثَّوْبُ نَقِيًّا فَالْبَخُورُ وَمَاءُ الْوَرْدِ أَنْفَعُ لَهُ. وَإِنْ كَانَ دَنِسًا فَالصَّابُون وَالْمَاءُ أَنْفَعُ لَهُ. ثُمَّ قَالَ لِي: فَكَيْفَ وَالثِّيَابُ لَا تَزَالُ دَنِسَةً. انْتَهَى.
قُلْت: وَالْمَسْئُولُ عَنْ ذَلِكَ وَالْمُجِيبُ هُوَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ كَمَا فِي طَبَقَاتِ الْحَافِظِ ابْنِ رَجَبٍ وَغَيْرِهِ. وَلَيْسَ قَصْدُنَا الِاسْتِقْصَاءَ لِلْمَأْثُورِ، وَإِنَّمَا قَصْدُنَا التَّنْبِيهُ وَعَدَمُ الْإِخْلَالِ بِالْفَائِدَةِ. وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
(وَ) قُلْ فِي وَقْتِ إرَادَةِ (نَوْمٍ) وَالنَّوْمُ غَشْيَةٌ ثَقِيلَةٌ تَتَهَجَّمُ عَلَى الْقَلْبِ فَتَقْطَعُهُ عَنْ الْمَعْرِفَةِ بِالْأَشْيَاءِ. وَلِهَذَا قِيلَ. هُوَ آفَةٌ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ أَخُو الْمَوْتِ