رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عَلَى عُمَرَ قَمِيصًا أَبْيَضَ غَسِيلًا فَقَالَ ثَوْبُك هَذَا غَسِيلٌ أَمْ جَدِيدٌ؟ قَالَ لَا بَلْ غَسِيلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبِسْ جَدِيدًا وَعِشْ حَمِيدًا وَمُتْ - وَفِي لَفْظٍ - وَتَوَفَّ شَهِيدًا يَرْزُقْك اللَّهُ قُرَّةَ عَيْنٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» .
وَفِي الْكَلِمِ الطَّيِّبِ لِلْإِمَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ قَمِيصًا أَوْ إزَارًا أَوْ عِمَامَةً يَقُولُ اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتنِيهِ، أَسْأَلُك مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ.
وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ " وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَأَى أَحَدُهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ ثَوْبًا قَالَ: تُبْلِي، وَيُخْلِفُ اللَّهُ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
مَطْلَبٌ: يُطْلَبُ الشُّكْرُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ تَجَدُّدِ النِّعَمِ
وَكُنْ شَاكِرًا لِلَّهِ وَارْضَ بِقَسْمِهِ ... تُثَبْ وَتُزَدْ رِزْقًا وَإِرْغَامَ حُسَّدِ
(وَكُنْ) أَيُّهَا الْعَبْدُ (شَاكِرًا لِلَّهِ) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى جَمِيعِ النِّعَمِ الَّتِي أَسَدَاهَا إلَيْك وَمَنَّ بِهَا عَلَيْك، وَاعْتَرِفْ بِقَلْبِك أَنَّك لَوْ أَنْفَقْت جَمِيعَ عُمْرِك فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَصِيَامِ النَّهَارِ وَلَمْ يَزَلْ لِسَانُك رَطْبًا بِذِكْرِ اللَّهِ لَمْ تُؤَدِّ شُكْرَ نِعَمِهِ، بَلْ وَلَا نِعْمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ نِعَمِهِ، كَيْفَ، وَالتَّوْفِيقُ لِلشُّكْرِ نِعْمَةٌ أُخْرَى تَحْتَاجُ إلَى شُكْرٍ آخَرَ وَهَلُمَّ جَرًّا.
فَلَا سَبِيلَ لِلْعَبْدِ عَلَى الْقِيَامِ بِشُكْرِ نِعَمِهِ، كَمَا قِيلَ:
إذَا كَانَ شُكْرِي نِعْمَةَ اللَّهِ نِعْمَةً ... عَلَيَّ لَهُ فِي مِثْلِهَا يَجِبُ الشُّكْرُ
فَكَيْفَ بُلُوغُ الشُّكْرِ إلَّا بِفَضْلِهِ ... وَإِنْ طَالَتْ الْأَيَّامُ وَاتَّصَلَ الْعُمْرُ
إذَا مَسَّ بِالسَّرَّاءِ عَمَّ سُرُورُهَا وَإِنْ ... مَسَّ بِالضَّرَّاءِ أَعْقَبَهَا الْأَجْرُ
فَمَا مِنْهُمَا إلَّا لَهُ فِيهِ نِعْمَةٌ ... تَضِيقُ بِهَا الْأَوْهَامُ وَالسِّرُّ وَالْجَهْرُ
وَلَكِنَّ الشُّكْرَ قَصُّ جَنَاحِ النِّعَمِ فَلَا تَطِيرُ مِنْ عِنْدِك.
فَمِنْ ثَمَّ عَلَيْك شُكْرُهُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ تَجَدُّدِ النِّعَمِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا لُبْسُك الْجَدِيدُ.