فَرَأَيْت عَلَيْهِ طَيْلَسَانًا، فَقُلْت يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا شَيْءٌ أَحْدَثْته أَمْ رَأَيْت عَلَيْهِ النَّاسَ؟ قَالَ: لَا بَلْ رَأَيْت عَلَيْهِ النَّاسَ.
وَأَقُولُ: الْمُرَادُ بِالطَّيْلَسَانِ الطَّيْلَسَانُ الْمُقَوَّرُ كَمَا صَحَّحَهُ عُلَمَاؤُنَا، وَهَذَا وَاضِحٌ، وَدَلِيلُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: يَكُونُ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ الْيَهُودِ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ سَاجٌ وَسَيْفٌ» .
قَالَ فِي النِّهَايَةِ: السَّاجُ الطَّيْلَسَانُ الْأَخْضَرُ، وَقِيلَ هُوَ الطَّيْلَسَانُ الْمُقَوَّرُ يُنْسَجُ كَذَلِكَ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ: لَا يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ الطَّيْلَسَانِ، وَهُوَ الْمُقَوَّرُ الطَّرَفَيْنِ الْمَكْفُوفُ الْجَانِبَيْنِ الْمُلَفَّقُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، مَا كَانَتْ الْعَرَبُ تَعْرِفُهُ وَهُوَ لِبَاسُ الْيَهُودِ قَدِيمًا، وَالْعَجَمِ أَيْضًا وَالْعَرَبُ تُسَمِّيه سَاجًا.
وَيُقَالُ: إنَّ أَوَّلَ مَنْ لَبِسَهُ مِنْ الْعَرَبِ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَكْرَهُهُ.
وَفِي الْقَامُوسِ: الطَّيْلَسُ وَالطَّيْلَسَانُ مُثَلَّثَةُ اللَّامِ عَنْ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ مُعَرَّبٌ أَصْلُهُ تَالِسَانٌ. وَيُقَالُ فِي الشَّتْمِ. يَا ابْنَ الطَّيْلَسَانِ أَيْ إنَّك أَعْجَمِيٌّ، وَالْجَمْعُ طَيَالِسَةٌ. وَفِي لُغَةِ الْإِقْنَاعِ: الطَّيْلَسَانُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. قَالَ الْفَارَابِيُّ: هُوَ فَيْعَلَانٌ - بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْعَيْنِ - وَبَعْضُهُمْ بِكَسْرِ الْعَيْنِ لُغَةٌ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَلَمْ يَأْتِ اسْمُ فَيْعِلَانٌ - بِكَسْرِ الْعَيْنِ بَلْ بِالضَّمِّ - مِثْل الْخَيْزُرَانُ وَالْجَمْعُ طَيَالِسَةٌ. انْتَهَى. (تَتِمَّةٌ) ذَكَرَ الثَّعَالِبِيُّ فِي فِقْهِ اللُّغَةِ أَنَّ أَصْغَرَ مَا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ يُقَالُ لَهُ الْبُخْنُقُ، وَهُوَ خِرْقَةٌ تُغَطِّي مَا أَقْبَلَ مِنْ الرَّأْسِ، وَمَا أَدْبَرَ، ثُمَّ الْغَفَّارَةُ فَوْقَهَا وَدُونَ الْخِمَارِ، ثُمَّ الْخِمَارُ أَكْبَرُ مِنْهَا، ثُمَّ الْمِقْنَعَةُ، ثُمَّ النَّصِيفُ وَهُوَ كَالنِّصْفِ مِنْ الرِّدَاءِ، وَأَكْبَرُ مِنْ الْمِقْنَعَةِ، ثُمَّ الْمِعْجَرُ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ الْمُقَنَّعَةِ وَأَصْغَرُ مِنْ الرِّدَاءِ، ثُمَّ الْقِنَاعُ وَالرِّدَاءُ.
وَيَحْسُنُ تَنْظِيفُ الثِّيَابِ وَطَيُّهَا ... وَيُكْرَهُ مَعَ طَوْلِ الْغِنَى لُبْسُك الرَّدِي
(وَيَحْسُنُ) أَيْ يُسَنُّ وَيُنْدَبُ (تَنْظِيفُ) أَيْ إزَالَةُ وَسَخِ (الثِّيَابِ) كُلِّهَا مِنْ قَمِيصٍ وَرِدَاءٍ وَإِزَارٍ وَسَرَاوِيلَ وَعِمَامَةٍ وَغَيْرِهَا.
قَالَ الْقَاضِي