وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ - رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ -: التَّكَبُّرُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ تَوَاضُعٌ.

وَقَالَ بَعْضُ الْفَلَاسِفَةِ: أَظْلَمُ النَّاسِ لِنَفْسِهِ مَنْ تَوَاضَعَ لِمَنْ لَا يُكْرِمُهُ.

مَطْلَبٌ: فِي بَعْضِ حِكَمٍ وَأَشْعَارٍ.

(الثَّالِثَةُ) فِي بَعْضِ حِكَمٍ وَأَشْعَارٍ تَتَعَلَّقُ بِمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ.

قِيلَ - لِبَزَرْجَمْهَرَ -: أَيُّ الْعُيُوبِ أَعْسَرُ؟ قَالَ: الْعُجْبُ وَاللَّجَاجُ.

وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْكِبْرُ وَالْإِعْجَابُ يَسْلُبَانِ الْفَضَائِلَ وَيُكْسِبَانِ الرَّذَائِلَ.

وَمَرَّ بَعْضُ أَوْلَادِ الْمُهَلَّبِ بِمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ وَهُوَ يَتَبَخْتَرُ فِي مِشْيَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: يَا بُنَيَّ لَوْ تَرَكْتَ هَذَا الْخُيَلَاءَ لَكَانَ أَجْمَلَ، فَقَالَ أَوَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: أَعْرِفُك مَعْرِفَةً جَيِّدَةً، أَوَّلُكَ نُطْفَةٌ مَذِرَةٌ، وَآخِرُكَ جِيفَةٌ قَذِرَةٌ، وَأَنْتَ بَيْنَ ذَلِكَ تَحْمِلُ الْعَذِرَةَ.

فَأَرْخَى الْفَتَى رَأْسَهُ وَكَفَّ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ الْأَحْنَفُ: عَجِبْت لِمَنْ جَرَى فِي مَجْرَى الْبَوْلِ مَرَّتَيْنِ كَيْفَ يَتَكَبَّرُ.

وَنَظَرَ أَفْلَاطُونُ إلَى رَجُلٍ جَاهِلٍ مُعْجَبٍ بِنَفْسِهِ فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي مِثْلُكَ فِي ظَنِّك، وَأَنَّ أَعْدَائِي مِثْلُك فِي الْحَقِيقَةِ.

وَرَأَى رَجُلًا يَخْتَالُ فِي مِشْيَتِهِ فَقَالَ: جَعَلَنِي اللَّهُ مِثْلَك فِي نَفْسِك، وَلَا جَعَلَنِي اللَّهُ مِثْلَك فِي نَفْسِهِ.

وَقَالَ مَنْصُورٌ الْفَقِيهُ:

تَتِيهُ وَجِسْمُك مِنْ نُطْفَةٍ ... وَأَنْتَ وِعَاءٌ لِمَا تَعْلَمُ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ:

وَأَحْسَنُ أَخْلَاقِ الْفَتَى وَأَتَمُّهَا ... تَوَاضُعُهُ لِلنَّاسِ وَهُوَ رَفِيعُ

وَأَقْبَحُ شَيْءٍ أَنْ يَرَى الْمَرْءُ نَفْسَهُ ... رَفِيعًا وَعِنْدَ الْعَالَمِينَ وَضِيعُ

وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ أَنَّ يَسَارًا كَتَبَ إلَى بَعْضِ الْوُلَاةِ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ:

لَا تَشْرَهَنَّ فَإِنَّ الذُّلَّ فِي الشَّرَهِ ... وَالْعِزَّ فِي الْحِلْمِ لَا فِي الطَّيْشِ وَالسَّفَهِ

وَقُلْ لِمُغْتَبِطٍ فِي التِّيهِ مِنْ حُمْقٍ ... لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ مَا فِي التِّيهِ لَمْ تَتِهْ

التِّيهُ مَفْسَدَةٌ لِلدِّينِ مَنْقَصَةٌ ... لِلْعَقْلِ مَهْلَكَةٌ لِلْعِرْضِ فَانْتَبِهْ

وَلَا سَبِيلَ إلَى اسْتِقْصَاءِ مَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ فِي آفَاتِ الْكِبْرِ وَالْعُجْبِ وَمَدْحِ التَّوَاضُعِ مِنْ الْمَنْثُورِ وَالْمَنْظُومِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[مَطْلَبٌ: يُكْرَهُ مُخَالَفَةُ أَهْلِ بَلَدِهِ فِي اللِّبَاسِ]

قَالَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَ) يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ (تَرْكُ) لُبْسِ اللِّبَاسِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015