فَأَطْلَقَ النَّاظِمُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فَقَطْ، وَالْأَصَحُّ الْحُرْمَةُ بَلْ هُوَ كَبِيرَةٌ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْإِسْبَالَ تَارَةً يَكُونُ خُيَلَاءَ وَتَارَةً لَا يَكُونُ.
الْأَوَّلُ حَرَامٌ مِنْ الْكَبَائِرِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالثَّانِي تَارَةً يَكُونُ لِحَاجَةٍ وَأُخْرَى لَا.
الْأَوَّلُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ مَا لَمْ يَقْصِدْ تَدْلِيسًا فَيَحْرُمُ، وَالثَّانِي مَكْرُوهٌ، وَهُوَ الْإِسْبَالُ بِلَا حَاجَةٍ، وَلَا خُيَلَاءَ وَلَا تَدْلِيسٍ، لِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ فِي النَّارِ.
وَظَاهِرُ النَّظْمِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَا خُيَلَاءَ وَلَا كِبْرَ.
وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ صَاحِبُ النَّظْمِ وَقَالَ: الْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِرِوَايَةِ حَنْبَلٍ عَنْ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ عَنْ جَرِّ الْإِزَارِ: إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ خُيَلَاءَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ كَمَا فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ مُفْلِحٍ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: رُوِيَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ارْتَدَى بِرِدَاءٍ ثَمِينٍ قِيمَتُهُ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ، وَكَانَ يَجُرُّهُ عَلَى الْأَرْضِ، فَقِيلَ لَهُ: أَوَلَسْنَا نُهِينَا عَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: إنَّمَا ذَلِكَ لِذَوِي الْخُيَلَاءِ، وَلَسْنَا مِنْهُمْ.
قَالَ فِي الْآدَابِ: وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَدَمَ تَحْرِيمِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْكَرَاهَةِ، وَلَا عَدَمِهَا.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ طُولُ قَمِيصِ الرَّجُلِ إلَى الْكَعْبَيْنِ، وَإِلَى شِرَاكِ النَّعْلِ.
وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَطُولُ الْإِزَارِ إلَى مَرَاقِّ السَّاقَيْنِ، وَقِيلَ إلَى الْكَعْبَيْنِ انْتَهَى.
مَطْلَبٌ: فِي الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الرَّدْعِ عَنْ جَرِّ الْإِزَارِ خُيَلَاءَ.
وَلْنَذْكُرْ الْآنَ طَرَفًا مِنْ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الرَّدْعِ عَنْ جَرِّ الْإِزَارِ خُيَلَاءَ، وَعَنْ الْعُجْبِ وَالتَّكَبُّرِ عَلَى حَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهَذَا الشَّرْحِ، وَإِلَّا فَالْأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ جِدًّا فِي ذَلِكَ فَنَقُولُ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ مِنْ الْإِزَارِ فَفِي النَّارِ» وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ قَالَ «إزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إلَى عَضَلَةِ سَاقِهِ، ثُمَّ إلَى نِصْفِ سَاقِهِ، ثُمَّ إلَى كَعْبِهِ، وَمَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ مِنْ الْإِزَارِ فَفِي النَّارِ» .
قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - " مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي