أَعْرِفُ فِي التَّحْرِيمِ نَصًّا عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَكَلَامُ شَيْخِنَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ لُبْسِهَا لِلرِّجَالِ إلَّا مَا دَلَّ الشَّرْعُ عَلَى تَحْرِيمِهِ.
وَقَالَ أَيْضًا، يَعْنِي شَيْخَهُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لُبْسُ الْفِضَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَفْظٌ عَامٌّ بِالتَّحْرِيمِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يُحَرِّمَ مِنْهُ إلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ.
فَإِذَا أَبَاحَتْ السُّنَّةُ خَاتَمَ الْفِضَّةِ دَلَّ عَلَى إبَاحَةِ مَا فِي مَعْنَاهُ، وَمَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْإِبَاحَةِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَيَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ فِي تَحْرِيمِهِ.
يُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] وَالتَّحْرِيمُ يَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
وَأَطَالَ فِي الِاسْتِدْلَالِ.
فَعَلَى كَلَامِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تُبَاحُ تَحْلِيَةُ الْأَسْلِحَةِ بِالْفِضَّةِ، وَكَذَا الذَّهَبُ فِي مَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْفُرُوعِ، وَعِبَارَتُهُ: وَقِيلَ: يُبَاحُ يَعْنِي الذَّهَبَ فِي سِلَاحٍ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَقِيلَ: كُلُّ مَا أُبِيحَ تَحْلِيَتُهُ بِفِضَّةٍ أُبِيحَ بِذَهَبٍ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَجَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ بِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ تَحْلِيَةُ السِّكِّينِ بِالْفِضَّةِ.
وَفِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى بِالْعَكْسِ.
وَيَدْخُلُ فِي الْخِلَافِ تِرْكَاشُ النُّشَّابِ وَالْكَلَالِيبُ لِأَنَّهَا يَسِيرٌ تَابِعٌ.
وَوَاحِدُ الْكَلَالِيبِ كَلُّوبٌ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ، وَيُقَالُ أَيْضًا كُلَّابٌ. انْتَهَى.
(الثَّانِي) : مَتَى اسْتَهْلَكَ مَا قُلْنَا يَحْرُمُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِيمَا حُلِّيَ بِهِ أَوْ مُوِّهَ بِهِ فَلَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهُ شَيْءٌ لَوْ أُزِيلَ أَوْ عُرِضَ عَلَى النَّارِ فَلَهُ اسْتِدَامَتُهُ، وَلَا زَكَاةَ فِيهِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، وَذَهَابِ الْمَالِيَّةِ.
وَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْخِلَافَةَ أَرَادَ جَمْعَ مَا فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ مِمَّا مُوِّهَ بِهِ مِنْ الذَّهَبِ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ مِنْهُ شَيْءٌ فَتَرَكَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) : فُهِمَ مِنْ تَنْصِيصِ النَّاظِمِ عَلَى اخْتِصَاصِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْمَنْعِ إبَاحَةُ التَّحَلِّي بِالْجَوْهَرِ وَنَحْوِهِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي بَعْضِ أَحَادِيثَ وَرَدَتْ فِي الزَّجْرِ عَنْ اسْتِعْمَالِ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالتَّحَلِّي بِهِمَا.
(الرَّابِعُ) : فِي بَعْضِ أَحَادِيثَ عَنْ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَدَتْ فِي الزَّجْرِ عَنْ اسْتِعْمَالِ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالتَّحَلِّي بِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ.