وَالصُّفْرَةِ هَذَا مُرَادُ النَّاظِمِ هُنَا، وَقَدْ جَزَمَ بِعَدَمِ كَرَاهَةِ لُبْسِ الْمُزَعْفَرِ لِلرِّجَالِ عَلَى نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَذَلِكَ لِمَا رَوَى الْإِمَامُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ وَيَدْهُنُ بِالزَّعْفَرَانِ، فَقِيلَ لَهُ لِمَ تَصْبُغُ ثِيَابَك وَتَدْهُنُ بِالزَّعْفَرَانِ؟ فَقَالَ: لِأَنِّي رَأَيْته أَحَبَّ الْأَصْبَاغِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يَدْهُنُ بِهِ وَيَصْبُغُ بِهِ ثِيَابَهُ» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَفِي لَفْظِهِمَا «وَلَقَدْ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِهِ كُلَّهَا حَتَّى عِمَامَتَهُ» .
وَفِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: يُبَاحُ الْمِسْكُ، وَالْمُوَرَّدُ وَيُكْرَهُ لَهُ الْمُعَصْفَرُ. زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: فِي الْأَصَحِّ، وَكَذَا الْمُزَعْفَرُ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَفِيهِ وَجْهٌ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي التَّلْخِيصِ، وَالنَّصُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. وَقَطَعَ فِي الشَّرْحِ يَعْنِي شَرْحِ الْمُقْنِعِ لِلْإِمَامِ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ أَبِي عُمَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْكَرَاهَةِ.
وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ الْمُزَعْفَرِ، وَالْمُعَصْفَرِ، وَالْأَحْمَرِ الْمُصْمَتِ، وَقِيلَ لَا، وَنَقَلَهُ الْأَكْثَرُ فِي الْمُزَعْفَرِ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وِفَاقًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ. وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا تَحْرِيمَ التَّزَعْفُرِ لَهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَذْهَبُ الْآنَ كَرَاهِيَةُ لُبْسِ الْمُزَعْفَرِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ، وَالْمُنْتَهَى، وَالْغَايَةِ وَغَيْرِهَا.
(تَنْبِيهَانِ) : نَفْسُ التَّزَعْفُرِ لِلرِّجَالِ مَكْرُوهٌ وَجْهًا وَاحِدًا،؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى الرِّجَالَ عَنْ التَّزَعْفُرِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: حَمَلَ الْخَلَّالُ النَّهْيَ عَنْ التَّزَعْفُرِ عَلَى بَدَنِهِ فِي صَلَاتِهِ، وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى التَّطَيُّبِ بِهِ وَالتَّخَلُّقِ بِهِ؛ لِأَنَّ خَيْرَ طِيبِ الرِّجَالِ مَا خَفِيَ لَوْنُهُ وَظَهَرَ رِيحُهُ. انْتَهَى.
وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ كَرَاهِيَةُ لُبْسِ الْمُزَعْفَرِ كَالتَّزَعْفُرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) : لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْمُزَعْفَرِ، وَالْمُعَصْفَرِ، وَالْأَحْمَرِ الْمُصْمَتِ لِلنِّسَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الزِّينَةِ، وَهِيَ مِنْهَا مَطْلُوبَةٌ. وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. .