لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَمَا عَدَاهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمُعْتَمَدِ.
وَقِيلَ اكْرَهَنَّهُ مِثْلَ مُسْتَعْمَلِ الْإِنَا ... وَإِنْ تَعْلَمْ التَّنْجِيسَ فَاغْسِلْهُ تَهْتَدِ
(وَقِيلَ اكْرَهَنَّهُ) أَيْ اكْرَهْ مَا صَبَغَهُ الْكُفَّارُ (مِثْلَ) مَا يُكْرَهُ (مُسْتَعْمَلُ) أَيْ اسْتِعْمَالُ (الْإِنَاءِ) أَيْ أَوَانِي الْكُفَّارِ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهَا.، وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ.
قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَثِيَابُ الْكُفَّارِ كُلِّهِمْ وَأَوَانِيهِمْ طَاهِرَةٌ إنْ جُهِلَ حَالُهَا حَتَّى مَا وَلِيَ عَوْرَاتِهِمْ، كَمَا لَوْ عُلِمَتْ طَهَارَتُهَا، وَكَذَا مَا صَبَغُوهُ، أَوْ نَسَجُوهُ. وَعِبَارَةُ الْمُنْتَهَى: وَمَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ آنِيَةِ كُفَّارٍ، وَلَوْ لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُمْ كَالْمَجُوسِ وَمَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ ثِيَابِهِمْ، وَلَوْ وَلِيَتْ عَوْرَاتِهِمْ، وَكَذَا مَنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ كَثِيرًا طَاهِرٌ مُبَاحٌ فَصَرَّحَ بِالطَّهَارَةِ، وَالْإِبَاحَةِ كَالْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ. قَالَ شَارِحُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] وَهُوَ يَتَنَاوَلُ مَا لَا يَقُومُ إلَّا بِآنِيَةٍ «وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَصْحَابَهُ تَوَضَّئُوا مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ. وَبَدَنُ الْكَافِرِ طَاهِرٌ، وَكَذَا طَعَامُهُ وَمَاؤُهُ وَمَا صَبَغُوهُ، أَوْ نَسَجُوهُ.
ثُمَّ قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ، وَالْغَايَةِ: وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي ثِيَابِ الْمُرْضِعَةِ، وَالْحَائِضِ وَالصَّبِيِّ مَعَ الْكَرَاهَةِ، مَا لَمْ تَعْلَمْ نَجَاسَتَهَا، فَفَرَّقَ بَيْنَ الْحَائِضِ، وَالْمُرْضِعَةِ، وَبَيْنَ ثِيَابِ الْكُفَّارِ وَمُلَابِسِي النَّجَاسَةِ فَجَعَلَهَا فِي ثِيَابِ الْمُرْضِعَةِ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا مَكْرُوهَةٌ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِمْ.
وَعِبَارَةُ الْفُرُوعِ: وَثِيَابُ الْكُفَّارِ وَآنِيَتُهُمْ مُبَاحَةٌ إنْ جُهِلَ حَالُهَا وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. وَعَنْهُ الْكَرَاهَةُ وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. وَعَنْهُ الْمَنْعُ وَعَنْهُ فِيمَا وَلِيَ عَوْرَاتِهِمْ وَعَنْهُ الْمَنْعُ مِمَّنْ تَحْرُمُ ذَبِيحَتُهُ، وَكَذَا حُكْمُ مَا صَبَغُوهُ وَآنِيَةُ مَنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ كَثِيرًا وَثِيَابُهُ.
وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ صَبْغِ الْيَهُودِ بِالْبَوْلِ؟ فَقَالَ: الْمُسْلِمُ، وَالْكَافِرُ فِي هَذَا سَوَاءٌ، وَلَا تَسْأَلْ عَنْ هَذَا وَلَا تَبْحَثْ عَنْهُ، فَإِنْ عَلِمْت فَلَا