بِالْوَهْنِ هُنَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ اكْرَهَنَّ (فَشَدِّدْ) وَعَلَى النُّسْخَةِ الْأُخْرَى بِتَشَدُّدِ.
وَحَاصِلُ هَذَا أَنَّ الصُّورَةَ إنَّمَا تَحْرُمُ إذَا لَمْ تَكُنْ مُمْتَهَنَةً، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُمْتَهَنَةً كَمَا إذَا كَانَتْ فِي الْبُسُطِ وَالزُّلَالِيِّ الَّتِي يُدَاسُ عَلَيْهَا وَتُمْتَهَنُ، أَوْ كَانَتْ رَقْمًا فِي مَدَاسٍ يُوطَأُ عَلَيْهَا فَلَا تَحْرُمُ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا «أَنَّهَا نَصَبَتْ سِتْرًا فِيهِ تَصَاوِيرُ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَعَهُ. قَالَتْ: فَقَطَعْته وِسَادَتَيْنِ يَرْتَفِقُ عَلَيْهِمَا» .
وَفِي لَفْظٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ: «فَقَطَعْته مِرْفَقَتَيْنِ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ مُتَّكِئًا عَلَى إحْدَاهُمَا وَفِيهَا صُورَةٌ» . فَإِذَا مَنَعَ مِنْ نَصْبِهِ سِتْرًا عَلَى الْحَائِطِ وَتَعْلِيقِهِ فَلَأَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا مِنْ لُبْسِهِ أَوْلَى. فَإِذَا زَالَ الْإِكْرَامُ وَخَلَفَهُ الِامْتِهَانُ بِأَنْ صَارَ يُدَاسُ مَا فِيهِ الصُّوَرُ زَالَتْ الْحُرْمَةُ. قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: لَا افْتِرَاشُهُ، أَيْ لَا يَحْرُمُ افْتِرَاشُ مَا فِيهِ الصُّوَرُ وَجَعْلُهُ مِخَدًّا بِلَا كَرَاهَةٍ.
وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى مَا فِيهِ صُورَةٌ، وَلَوْ عَلَى مَا يُدَاسُ، وَالسُّجُودُ عَلَيْهَا أَشَدُّ كَرَاهَةً. وَلَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ يَعْنِي مُحَرَّمَةً عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْكَلْبِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ» يَعْنِي مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ، وَالْبَرَكَةِ كَمَا مَرَّ.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصُّورَةِ فِي الْبَيْتِ، وَنَهَى أَنْ يُصْنَعَ ذَلِكَ» فَإِنْ أُزِيلَ مِنْ الصُّورَةِ مَا لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ لَمْ تُكْرَهْ فِي الْمَنْصُوصِ، بِأَنْ أُزِيلَ مِنْهَا رَأْسُهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَأْسٌ، لَا أَنْ فَصَلَ رَأْسَهَا عَنْ بَدَنِهَا بِمَا يُشَابِهُ الطَّوْقَ مِمَّا يَزِيدُهَا حُسْنًا فَهَذَا لَا تَزُولُ بِهِ الْحُرْمَةُ.
قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ: وَتُبَاحُ صُورَةُ غَيْرِ حَيَوَانٍ كَشَجَرٍ وَكُلِّ مَا لَا رُوحَ فِيهِ، وَقَالَ فِي الْغَايَةِ: وَجَازَ تَصْوِيرُ غَيْرِ حَيَوَانٍ كَشَجَرٍ. انْتَهَى. وَفِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ أُزِيلَ مِنْ الصُّورَةِ مَا لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ لَمْ تُكْرَهْ. وَمِثْلُهُ صُورَةُ شَجَرٍ وَنَحْوِهِ وَتِمْثَالٌ، وَكَذَا تَصْوِيرُهُ فَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ تَحْرِيمَ التَّصْوِيرِ خِلَافًا لِلثَّلَاثَةِ.