خَارِجًا كَالثَّعْلَبِ، لَكِنْ عَلِيٌّ لِفَاطِمَةَ يَأْكُلُ مَا وَجَدَ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا فَقَدَ، وَهُوَ عِنْدَهَا كَالثَّعْلَبِ وَخَارِجًا كَالْأَسَدِ» قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ فَهْدٍ هُنَا عَلَى مَعْنَى الِاسْتِعَارَةِ جَعَلَتْ كَثْرَةَ تَغَافُلِهِ كَالنَّوْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَا سِيَّمَا، وَقَدْ وُصِفَ الْفَهْدُ بِالْحَيَاءِ وَقِلَّةِ الشَّرَهِ وَهَذِهِ كُلُّهَا خُلُقُ مَدْحٍ، وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَبُو عُبَيْدٍ.
قَالَ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ: وَزَعَمَ أَرِسْطُو أَنَّ الْفَهْدَ مُتَوَلِّدٌ بَيْنَ أَسَدٍ وَنَمِرٍ وَمِزَاجُهُ مِثْلُ النَّمِرِ، وَفِي طَبْعِهِ مُشَابَهَةٌ بِالْكَلْبِ فِي أَدَوَاتِهِ وَذَاتِهِ وَيُقَالُ: إنَّ الْفَهْدَةَ إذَا أَثْقَلَتْ بِالْحَمْلِ حَنَّ عَلَيْهَا كُلُّ ذَكَرٍ يَرَاهَا مِنْ الْفُهُودِ وَيُوَاسِيهَا مِنْ صَيْدِهِ، فَإِذَا أَرَادَتْ الْوِلَادَةَ هَرَبَتْ إلَى مَوْضِعٍ قَدْ أَعَدَّتْهُ لِذَلِكَ وَيُوصَفُ الْفَهْدُ بِكَثْرَةِ النَّوْمِ وَكَثْرَةِ الْغَضَبِ، فَإِذَا وَثَبَ عَلَى فَرِيسَةٍ لَا يَتَنَفَّسُ حَتَّى يَنَالَهَا فَيَحْمَى لِذَلِكَ وَتَمْتَلِئُ رِئَتُهُ مِنْ الْهَوَاءِ الَّذِي حَبَسَهُ، فَإِذَا أَخْطَأَ صَيْدَهُ رَجَعَ مُغْضَبًا وَرُبَّمَا قَتَلَ سَائِسَهُ. وَمِنْ طَبْعِهِ الْإِسَاءَةُ إلَى مَنْ يُحْسِنُ إلَيْهِ. وَكِبَارُ الْفُهُودِ أَقْبَلُ لِلتَّأْدِيبِ مِنْ صِغَارِهَا.
وَأَوَّلُ مَنْ صَادَ بِالْفَهْدِ كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ وَأَوَّلُ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْخَيْلِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. وَأَكْثَرُ مَنْ اُشْتُهِرَ بِاللَّعِبِ بِهَا أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ. وَحُكْمُهُ تَحْرِيمُ الْأَكْلِ؛ لِأَنَّهُ ذُو نَابٍ كَالْأَسَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(لِ) أَجْلِ (اقْتِصَادِ) مِنْ الْقَصْدِ يُقَالُ قَصَدَ الْأَمْرَ وَقَصَدَ لَهُ وَإِلَيْهِ يَقْصِدُهُ إذَا يَمَّمَهُ، وَالْجَارُ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْعٍ وَ (التَّصَيُّدُ) مُضَافٌ إلَيْهِ أَيْ لِقَصْدِ الصَّيْدِ بِهَذِهِ الْكَوَاسِرِ الْمَذْكُورَةِ. إذَا لَمْ يَكُنْ مِلْكًا فَأَنْتَ مُخَيَّرٌ، وَإِنْ مُلِكَتْ فَاحْظُرْ، وَإِنْ تُؤْذِ فَاقْدُدْ (وَإِذَا لَمْ يَكُنْ) شَيْءٌ مِنْهَا (مِلْكًا) لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ أَهْلِ الذِّمَّةِ (فَأَنْتَ) حِينَ خُلُوِّ مِلْكِ أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا عَنْهَا (مُخَيَّرٌ) بَيْنَ إتْلَافِهَا وَعَدَمِهِ (وَ) أَمَّا (إنْ مُلِكَتْ) بِأَنْ جَرَى عَلَيْهَا مِلْكٌ لِمُسْلِمٍ، أَوْ مُسْتَأْمَنٍ (فَاحْظُرْ) أَيْ امْنَعْ وَحَرِّمْ قَتْلَهَا ذُكِرَ فِي الْمُغْنِي أَنَّ الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ مُنْتَفَعٌ بِهِ يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ فَحَرُمَ إتْلَافُهُ كَالشَّاةِ. قَالَ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. قَالَ: وَإِنَّمَا حَرُمَ إتْلَافُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ.
وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ قَتْلُ الْبَازِي يَعْنِي الْمُعَلَّمَ وَنَحْوَهُ كَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَأَوْلَى، وَقَدْ يُقَالُ