وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ حَسُنَ ظَنُّهُ بِاَللَّهِ مَعَ انْهِمَاكِهِ فِي اللَّذَّاتِ وَانْكِبَابِهِ عَلَى الْمَعَاصِي وَالشُّبُهَاتِ وَإِعْرَاضِهِ عَنْ الْأَوَامِرِ وَالطَّاعَاتِ فَهُوَ مِنْ الْحُمْقِ عَلَى جَانِبٍ عَظِيمٍ، وَإِنَّمَا الَّذِي عَلَيْهِ أَمَانِيُّ وَغُرُورٌ. وَاَللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَقَدْ ذَكَرْت فِي كِتَابِي الْبُحُورِ الزَّاخِرَةِ مِنْ ذَلِكَ طَرَفًا صَالِحًا فَإِنْ رَاجَعْته ظَفِرْت بِمُرَادِك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) : الْفَرْقُ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالرَّغْبَةِ أَنَّ الرَّجَاءَ طَمَعٌ، وَالرَّغْبَةَ طَلَبٌ، فَهِيَ ثَمَرَةُ الرَّجَاءِ. فَإِنَّهُ إذَا رَجَا الشَّيْءَ طَلَبَهُ، وَالرَّغْبَةُ مِنْ الرَّجَا كَالْهَرَبِ مِنْ الْخَوْفِ. فَمَنْ رَجَا شَيْئًا طَلَبَهُ وَرَغِبَ فِيهِ، وَمَنْ خَافَ شَيْئًا هَرَبَ مِنْهُ. قَالَ تَعَالَى {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء: 90] وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.