عَلَى مَا رَوَيْنَا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَدْ كَانَ شِعَارَ الْفَاجِرَاتِ فَيَكُنَّ الْمَقْصُودَاتِ بِهِ، أَوْ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لِلتَّدْلِيسِ عَلَى الرَّجُلِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ، أَوْ أَنْ يَكُونَ يَتَضَمَّنُ تَغْيِيرَ خِلْقَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْوَشْمِ الَّذِي يُؤْذِي الْيَدَ وَيُؤْلِمُهَا وَلَا يَكَادُ يُسْتَحْسَنُ، وَرُبَّمَا أَثَّرَ الْقِشْرُ فِي الْجِلْدِ تَحَسُّنًا فِي الْعَاجِلِ ثُمَّ تَأَذَّى بِهِ الْجِلْدُ فِيمَا بَعْدَهُ.
وَأَمَّا الْأَدْوِيَةُ الَّتِي تُزِيلُ الْكَلَفَ وَتُحَسِّنُ الْوَجْهَ لِلزَّوْجِ فَلَا أَرَى بِهَا بَأْسًا. وَكَذَلِكَ أَخْذُ الشَّعْرِ مِنْ الْوَجْهِ لِلتَّحَسُّنِ لِلزَّوْجِ. وَيَكُونُ حَدِيثُ النَّامِصَةِ مَحْمُولًا عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ.
وَقَالَ: شَيْخُنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْأَنْمَاطِيُّ: إذَا أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ وَجْهِهَا لِأَجْلِ زَوْجِهَا بَعْدَ رُؤْيَتِهِ إيَّاهَا فَلَا بَأْسَ، وَإِنَّمَا يُذَمُّ إذَا فَعَلَتْهُ قَبْلَ أَنْ يَرَاهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَدْلِيسًا. ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ أُمِّ حَلِيلَةَ قَالَتْ: شَهِدْت امْرَأَةً سَأَلَتْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَا تَقُولِينَ فِي قَشْرِ الْوَجْهِ؟ قَالَتْ إنْ كَانَ شَيْءٌ وُلِدَتْ وَهُوَ بِهَا فَلَا يَحِلُّ لَهَا وَلَا آمُرُهَا وَلَا أَنْهَاهَا، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ حَدَثَ فَلَا بَأْسَ تَعْمِدُ إلَى دِيبَاجَةِ كِسَاهَا فَتُنَحِّيَهَا مِنْ وَجْهِهَا لَا آمُرُهَا وَلَا أَنْهَاهَا.
وَقَالَ: قَالَ مُسْلِمٌ وَحَدَّثَتْنَا بَحْسَةُ الرَّاسِبِيَّةُ قَالَتْ حَدَّثَتْنِي أُمُّ نَصْرَةَ قَالَتْ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: لَوْ كَانَ فِي وَجْهِ بَنَاتِ أَخِي لَأَخْرَجْته وَلَوْ بِشَفْرَةٍ. وَقَالَ وَعَنْ بَكْرَةَ بِنْتِ عُقْبَةَ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَسَأَلَتْهَا عَنْ الْحِنَّاءِ فَقَالَتْ شَجَرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ، وَسَأَلَتْهَا عَنْ الْحِفَافِ فَقَالَتْ لَهَا إنْ كَانَ لَك زَوْجٌ فَاسْتَطَعْت أَنْ تَنْتَزِعِي مُقْلَتَيْك فَتَصْنَعِيهِمَا أَحْسَنَ مِمَّا هُمَا فَافْعَلِي. انْتَهَى.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَلَا بَأْسَ بِالْقَرَامِلِ وَنَحْوِهَا. زَادَ بَعْضُهُمْ لَكِنَّ تَرْكَهُ أَفْضَلُ. وَعَنْهُ هِيَ كَالْوَصْلِ بِالشَّعْرِ. قِيلَ لِلْإِمَامِ: تَصِلُ الْمَرْأَةُ بِالْقَرَامِلِ؟ فَكَرِهَهُ. وَظَاهِرُ الْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى عَدَمُ مَنْعِ وَصْلِ شَعْرٍ بِغَيْرِ شَعْرٍ، وَصَرَّحَ بِهِ الشُّرَّاحُ. قَالُوا لِأَنَّهُ لَا تَدْلِيسَ فِيهِ بَلْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ مِنْ تَحْسِينِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ مَضَرَّةٍ، لَكِنْ يُكْرَهُ مَا زَادَ عَمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ الْمَارَّةِ الْمَنْعُ. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ طَيَّبَ اللَّهُ ثَرَاه: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ