قَدْ رَأَيْت الْمَشِيبَ نُورًا تَبَدَّى ... نَوَّرَ الطُّرُقَ ثُمَّ مَا إنْ تَعَدَّى
إنَّ ثَوْبَ الشَّبَابِ عَارِيَّةٌ عِنْدِي ... فَجَاءَ الْمُعِيرُ حَتَّى اسْتَرَدَّا
جَاءَنِي نَاصِحٌ أَتَانِي نَذِيرُ ... بَيَاضٍ أَرَانِي الْأَمْرَ جَدًّا
دَعْ حَدِيثَ الصِّبَا وَرَامَةَ وَالْغَوْرَ ... وَنَجْدَ يَا سَعْدُ وَاهْجُرْ سَعْدًا
ثُمَّ خَلِّي حَدِيثَ لَيْلَى وَنِعْمَ ... وَسُعَادَ وَدِّعْ فَدَيْتُكِ دَعْدَا
وَتَزَوَّدْ زَادَ الشِّتَاءِ فَقَدْ فَاتَ ... رَبِيعٌ ضَيَّعْت فِيهِ الْوَرْدَا
قِفْ عَلَى الْبَابِ سَائِلًا عَفْوَ مَوْلَاك ... فَمَا إنْ يَرَاك يَرْحَمُ عَبْدًا
وَلِي مِنْ قَصِيدَةٍ:
أَفِقْ يَا قَلْبُ مِنْ خَمْرِ التَّصَابِي ... فَقَدْ آنَ الرَّحِيلُ وَأَنْتَ صَابِي
وَبَادَ الْعُمْرُ فِي حُبِّ الْغَوَانِي ... وَرَبَّاتِ الْبَرَاقِعِ وَالنِّقَابِ
فَمِنْ سِنِّ الصِّبَا فِي اللَّهْوِ حَتَّى ... بَدَا وَازَفْرَتِي هَذَا التَّغَابِي
وَأَخْبَارُ الشَّيْبِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ، وَأَشْهُرُ مِنْ أَنْ تُشْهَرَ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ لِمَنْ أَدْرَكَتْهُ الْعِنَايَةُ.
(وَلِلْقَزَعِ) وَهُوَ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَتَرْكُ بَعْضِهِ (أَكْرَهُ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «نَهَى عَنْ الْقَزَعِ وَقَالَ احْلِقْهُ كُلَّهُ أَوْ دَعْهُ كُلَّهُ» حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْقَزَعُ أَنْ تَحْلِقَ رَأْسَ الصَّبِيِّ وَتَتْرُكَ مَوَاضِعَ مِنْهُ مُتَفَرِّقَةً غَيْرَ مَحْلُوقَةٍ تَشْبِيهًا بِقَزَعِ السَّحَابِ، وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ. وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ كَرَاهَةِ حَلْقِ كُلِّ الرَّأْسِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَثَمَّ رِوَايَةٌ يُكْرَهُ حَلْقُهُ، لَكِنَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَذْهَبُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ. قَالَ فِي الشَّرْحِ: لَكِنَّ تَرْكَهُ أَفْضَلُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ عَلَى إبَاحَةِ الْحَلْقِ.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَأَمَّا أَخْذُهُ بِالْمِقْرَاضِ وَاسْتِيصَالُهُ فَلَا يُكْرَهُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. نَعَمْ يُكْرَهُ حَلْقُ الْقَفَا مُنْفَرِدًا لِغَيْرِ حَاجَةٍ نَحْوُ حِجَامَةٍ. قَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: هُوَ مِنْ فِعْلِ الْمَجُوسِ، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ.
قَالَ فِي الْآدَابِ: وَهَذَا يَعْنِي كَلَامَ الْإِمَامِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لَكِنْ جَزَمَ فِي الْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا بِالْكَرَاهَةِ فَقَطْ.