بَعْضُ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْكَرَاهَةُ أَوْلَى.
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قُبْلَةِ الْيَدِ، فَقَالَ: إنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ التَّدَيُّنِ فَلَا بَأْسَ، قَبَّلَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وَإِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الدُّنْيَا فَلَا إلَّا رَجُلًا تَخَافُ سَيْفَهُ أَوْ سَوْطَهُ.
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ أَيْضًا: وَكَرِهَهَا عَلَى طَرِيقِ الدُّنْيَا. وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ التَّابِعِيُّ: الْقُبْلَةُ سُنَّةٌ.
وَقَالَ مُهَنَّا بْنُ يَحْيَى: رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَثِيرًا يُقَبِّلُ وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ وَخَدَّهُ وَلَا يَقُولُ شَيْئًا. وَرَأَيْته لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَرَأَيْت سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُد الْهَاشِمِيَّ يُقَبِّلُ جَبْهَتَهُ وَرَأْسَهُ، وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَكْرَهُهُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ: رَأَيْت كَثِيرًا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَبَنِي هَاشِمٍ وَقُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ يُقَبِّلُونَهُ يَعْنِي أَبَاهُ بَعْضُهُمْ يَدَهُ وَبَعْضُهُمْ رَأْسَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ تَعْظِيمًا لَمْ أَرَهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِأَحَدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ غَيْرَهُ، وَلَمْ أَرَهُ يَشْتَهِي أَنْ يُفْعَلَ بِهِ ذَلِكَ.
وَقَالَ لَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ: تَرَى أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ رَأْسَ الرَّجُلِ أَوْ يَدَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَقْبِيلُ الْيَدِ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَادُونَهُ إلَّا قَلِيلًا.
وَذَكَرَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُمْ «لَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ مُؤْتَةَ وَقَالُوا نَحْنُ الْفَرَّارُونَ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ الْعَكَّارُونَ أَنَا فَيْئَةُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَبَّلُوا يَدَهُ» .
وَفِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْحَافِظِ بْنِ حَجَرٍ «أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ وَكَعْبَ بْنَ مَالِكٍ وَصَاحِبَهُ قَبَّلُوا يَدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ» . ذَكَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ.
وَقَبَّلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَدَ ابْنِ عَبَّاسٍ حِينَ أَخَذَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِرِكَابِهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: صَلَّى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى جِنَازَةِ أُمِّهِ فَقُرِّبَتْ لَهُ بَغْلَتُهُ لِيَرْكَبَ فَأَخَذَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِرِكَابِهِ فَقَالَ خَلِّ عَنْهَا يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَكَذَا نَفْعَلُ بِالْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ عَنْهُ الْعِلْمَ، فَقَبَّلَ زَيْدٌ يَدَهُ، وَقَالَ: هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.