أَمْكَنَ أَوْ الِاسْتِحْلَالِ مِنْهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ لِغَيْبَةِ الرَّجُلِ أَوْ مَوْتِهِ فَوَارِثُهُ مَقَامَهُ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُكْثِرْ مِنْ الْحَسَنَاتِ، وَمَرَّ مَا يُفْهَمُ عَنْهُ جَمِيعُ ذَلِكَ، وَالتَّوْبَةُ مِنْ الْجَمِيعِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَهِيَ مِنْ أَعْظَمِ الْأُمُورِ اهْتِمَامًا.
وَقَدْ وَرَدَ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ أَنَّهُ قَالَ: دَعَوْت اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ثَلَاثِينَ سَنَةً أَنْ يَرْزُقَنِي تَوْبَةً نَصُوحًا ثُمَّ تَعَجَّبْت فِي نَفْسِي وَقُلْت سُبْحَانَ اللَّهِ حَاجَةٌ دَعَوْت اللَّهَ فِيهَا ثَلَاثِينَ سَنَةً فَمَا قُضِيَتْ إلَى الْآنَ فَرَأَيْت فِيمَا يَرَى النَّائِمُ قَائِلًا يَقُولُ لِي أَتَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ؟ أَتَدْرِي مَاذَا تَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى؟ إنَّمَا تَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُحِبَّك، أَمَا سَمِعْت قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] .
إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} [النور: 31] ، وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ، وَالْكَلِمَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ.
وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ فَهِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا. وَنَذْكُرُ مِنْهَا هُنَا طَرْفًا فَنَقُولُ: أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» .
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَابَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» .
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْبَيْهَقِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ لَبَابًا مَسِيرَةُ عَرْضِهِ أَرْبَعُونَ عَامًا أَوْ سَبْعُونَ سَنَةً فَتَحَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلتَّوْبَةِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَلَا يُغْلِقُهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْهُ»
" وَرَوَى أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، سَبْعَةٌ مُغْلَقَةٌ وَبَابٌ مَفْتُوحٌ لِلتَّوْبَةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ» .