فَأَقُولُ، وَالله المَسْؤولُ؛ أَنْ يَغْفِرَ لِي الذَّنْبَ وَالذَّلَلَ، وَيُوَفِّقَنِي فِي القَوْلِ وَالعَمَلِ:

اعلمْ أيَّدَكَ اللهُ أنَّ النَّفْسَ تَمَلُّ، كما أنَّ البَدَنَ يَكِلُّ؛ وكما أَنَّ البَدَنَ إذا كَلَّ طَلَبَ الراحةَ، كذلك النفس إذا مَلَّتْ طَلَبَتِ الرَّاحة.

1 - قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: حَادِثُوا هذه النفوس، فإنَّها سَريعَةُ الدُّثُور.

كأَنَّه أرادَ احْتَملوها واجْلُوا الصدى عنها، وأعدوها قابلة لودائع الخير، فإنها إذا دثرت -أي: تَغَطَّت- وصديت لم يُنْتَفَعْ بها.

2 - وقيل لخالد بن صَفْوان: أَتَمَلُّ الحديثَ؟ قالَ: إِنَّما نَمَلُّ العَتِيقَ.

والحديثُ معشوقُ الحسن بمعونة العقل، ولهذا يولع به حتى النساء والصبيان.

3 - وقال الإمام عمر بن عبد العزيز: إِنَّ في المُحادَثَةِ تَلْقيحًا للعقول، وترويحًا للقلب، وتسريحًا للهَمِّ، وتنقيحًا للأدب.

4 - وقال أبو سعيد السّيرَافِي: سَمِعْتُ ابنَ السَّرَّاجِ يقول: دَخَلْنا على ابْنِ الرُّومِي في مَرَضِهِ الذي قَضَى فِيهِ، فأنْشَدَنَا:

وَلَقَدْ سَئِمْتُ مَآرِبِي ... فَكَانَ أَطْيَبُهَا خَبِيثُ

إِلَّا الْحَدِيثَ فَإِنَّهُ ... مِثْلُ اسْمِهِ أَبَدًا حَدِيثُ

لا سِيَّما إذا كانَتِ المحادَثَةُ والممازحَةُ بين الإخوان أهل الصفاء، وَالمَحَبَّة وَالوَفاء؛ فَإِنَّ ذَلِكَ رَوْحُ الرُّوْح وَغذاء النفس.

5 - قَالَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ رَحِمَهُ اللهُ لِبَعْضِ جُلسَائِهِ: قَدْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015