قائلاً إن التركيب إنما يصار إليه للإفادة، فحيث انتفت انتفى فمرجع خلافه إلى أن مثل ما ذكر لا يسمى مركبا. (أو مستعمل) ، بأن يكون له معنى (والمختار أنه موضوع) أي بالنوع، وقيل لا. والموضوع مفرداته والمركب المستعمل المفيد يعبر عنه بالكلام. (والكلام اللساني لفظ تضمن إسنادا مفيدا مقصودا لذاته) فخرج الخط والرمز والعقد والإشارة والنصب والمفرد كزيد وغير المفيد كالنار حارّة، وتكلم رجل ورجل يتكلم، وغير المقصود كالصادر من نائم، والمقصود لغيره كصلة الموصول نحو جاء الذي قام أبوه، فإنها مفيدة بالضم إليه مع ما معه مقصودة لإيضاح معناه (و) الكلام (النفساني معنى في النفس) أي قام بها. (يعبر عنه باللساني) أي بما صدقاته، وهذا من زيادتي. (والأصح عندنا أنه) أي الكلام (مشترك) بين اللساني والنفساني، لأن الأصل في الإطلاق الحقيقة. قال الإمام الرازي وعليه المحققون منا. وقيل إنه حقيقة في النفساني مجاز في اللساني، واختاره الأصل قال الأخطل

إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنما

جعل اللسان على الفؤاد دليلا

وقالت المعتزلة إنه حقيقة في اللساني لتبادره إلى الأذهان دون النفساني الذي أثبته الأشاعرة دون المعتزلة. ويجاب عما قاله الأخطل بأن مراده الكلام الأصلي، فالكلام اللساني ليس أصليا، وإن كان حقيقة، ودليلاً على الأصل، وعما قاله المعتزلة بأن تبادر الشيء وإن كان علامة للحقيقة لا بمنع كون ما انتفى فيه التبادر حقيقة أيضا، لأن العلامة لا يشترط فيها الانعكاس، والنفساني منسوب إلى النفس بزيادة ألف ونون للدلالة على العظمة، كما في قولهم شعراني لعظيم الشعر.

(والأصولي إنما يتكلم فيه) أي في اللساني لأن بحثه فيه لا في المعنى النفسي. (فإن أفاد) أي ما صدق اللساني (بالوضع طلبا فطلب ذكر الماهية) أي فاللفظ المفيد لطلب ذكرها أي ذاتا أو صفة. (استفهام) نحو ما هذا ومن ذا أزيد أم عمرو. (و) طلب (تحصيلها أو تحصيل الكف عنها) أي اللفظ المفيد لذلك. (أمر ونهي) نحو قم ولا تقم (ولو) كان تحصيل ذلك طلب (من ملتمس) أي مساوٍ لمطلوب منه رتبة. (وسائل) أي دون المطلوب منه رتبة فإن اللفظ المفيد لذلك منهما يسمى أمرا ونهيا، وقيل لا بل يسمى من الأول التماسا، ومن الثاني سؤالاً وإلى الخلاف أشرت بقولي ولو إلى آخره. (وإلا) أي وإن لم يفد بالوضع طلبا. (فما لا يحتمل) منه (صدقا وكذبا) في مدلوله (تنبيه وإنشاء) أي يسمى بكل منهما سواء أفاد طلبا باللازم كالتمني والترجي نحو ليت الشباب يعود لعلّ الله يعفو عني أم لم يفد طلبا نحو أنت طالق. (ومحتملهما) أي الصدق والكذب من حيث هو (خبر) . وقد يقطع بصدقه أو كذبه لأمور خارجة عنه كما سيأتي، وأبى قوم كما قاله الأصل تعريف الخبر كما أبوا تعريف العلم والوجود والعدم. قيل لأن كلاً منها ضروري فلا حاجة إلى تعريفه، وقيل لعسر تعريفه. (وقد يقال) هو للبيانيين. (الإنشاء ما) أي كلام (يحصل به مدلوله في الخارج) كأنت طالق. وقم ولا تقم، فإن مدلولها من إيقاع الطلاق وطلب القيام وعدمه يحصل به لا بغيره، فالإنشاء بهذا المعنى أعم منه بالمعنى الأول لشموله الطلب بأقسامه السابقة بخلافه بالمعنى الأول، فإنه قسيم للطلب بالوضع وللخبر فلا يشمل الاستفهام والأمر والنهي. (والخبر خلافه) أي ما يحصل بغيره مدلوله في الخارج بأن يكون له خارج صدق أو كذب نحو قام زيد فإن مدلوله أي مضمونه من قيام زيد يحصل بغيره، وهو محتمل لأن يكون واقعا في الخارج فيكون هو صدقا وغير واقع فيكون هو كذبا. (ولا مخرج له) أي للخبر من حيث مضمونه (عن الصدق والكذب لأنه إما مطابق للخارج) .

فالصدق (أولاً) فالكذب (فلا واسطة) بينهما (في الأصح) وقيل بها. وفي القول بها أقوال منها قول عمرو بن بحر الجاحظ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015