في القول مطلقا. وفي الفعل إذا لم يترتب عليه حكم شرعي بدليل الخبر المذكور، لأنه صلى الله عليه وسلّم بعث لبيان الشرعيات، ثم رأيت القاضي عياضا ذكر حاصل ذلك، ثم قال إن السهو في الفعل في حقه صلى الله عليه وسلّم غير مضادّ للمعجزة ولا قادح في التصديق، والأكثر على جواز صدور الصغيرة عنهم سهوا، إلا الدالة على الخسة كسرقة لقمة والتطفيف بتمرة، وينبهون عليها لو صدرت، وإذا تقرر أن نبينا معصوم كغيره من الأنبياء.
(فلا يقر نبينا) محمد صلى الله عليه وسلّم (أحدا على باطن فسكوته ولو غير مستبشر على الفعل مطلقا) بأن علم به في الأصح وقيل إلا فعل من يغريه الإنكار بناء على سقوط الإنكار عليه، وقيل إلا الكافر بناء على أنه غير مكلف بالفروع، وقيل إلا الكافر غير المنافق. (دليل الجواز للفاعل) بمعنى الإذن له فيه، لأن سكوته صلى الله عليه وسلّم على الفعل تقرير له. (ولغيره في الأصح) . وقيل لا لأن السكوت ليس بخطاب حتى يعمّ. قلنا هو كالخطاب فيعم. (وفعله) صلى الله عليه وسلّم (غير مكروه) بالمعنى الشامل للمحرم ولخلاف الأولى لعصمته، ولقلة وقوع المكروه وخلاف الأولى من التقى من أمته، فكيف يقع منه ولا ينافيه وقوع المكروه لنا منه بيانا لجوازه، لأنه ليس مكروها حينئذ، بل واجب. (وما كان) من أفعاله (جبليا) أي واقعا بجهة جبلة البشر أي خلقتهم كقيامه وقعوده وأكله وشربه. (أو مترددا) بين الجبلي والشرعي كحجه راكبا وجلسته للاستراحة. (أو بيانا) كقطعة السارق من الكوع بيانا لمحل القطع في آية السرقة (أو مخصصا به) كزيادته في النكاح على أربع نسوة (فواضح) أن الرابع لسنا متعبدين به على الوجه الذي تعبد هو به وأن غيره دليل في حقنا، لأنه صلى الله عليه وسلّم بعث لبيان الشرعيات فيباح لنا في الأول، وقيل يندب ويندب في الثاني، وقيل يباح ويندب أو يجب أو يباح بحسب المبين في الثالث. (وما سواه) أي سوى ما ذكر في فعله. (إن علمت صفته) من وجوب أو ندب أو إباحة (فأمته مثله) في ذلك. (في الأصح) عبادة كان أولا. وقيل مثله في العبادة فقط، وقيل لا مطلقا بل كمجهول الصفة وسيأتي. (وتعلم) صفة فعله أي من حيث هو لا بقيد كونه سوى ما ذكر، فلا يشكل بذكر البيان هنا مع ذكره قبل. (بنص) عليها كقوله هذا واجب مثلاً. (وتسوية بمعلوم الجهة) كقوله هذا الفعل مساوٍ لكذا في حكمه وقد علمت جهته. (ووقوعه بيانا أو امتثالاً لدال على وجوب أو ندب أو إباحة) فيكون حكمه
حكم المبين أو الممتثل. (ويخص الوجوب) عن غيره (أمارته كالصلاة بأذان) لأنه ثبت باستقراء الشريعة أن ما يؤذن لها واجبة بخلاف غيرها، كصلاة العيد والخسوف. (وكونه) أي الفعل (ممنوعا) منه، (لو لم يجب كالحدّ) ، والختان إذ كل منهما عقوبة وقد يتخلف الوجوب عن هذه الأمارة لدليل كما في سجودي السهو والتلاوة في الصلاة (و) يخص (الندب) عن غيره (مجرد قصد القربة) بأن تدل قرينة على قصدها بذلك الفعل مجردا عن قيد الوجوب، والفعل المجرد قصدها كما صرح به الأصل كثير من صلاة وصوم وقراءة ونحوها من التطوعات (وإن جهلت) صفته، (فللوجوب في الأصح) في حقه وحقنا، لأنه الأحوط، وقيل للندب لأنه المتحقق بعد الطلب، وقيل للإباحة لأن الأصل عدم الطلب،