قول مر) أن دلالة اللفظ بالمعنى على ما عدا المذكور بخلاف حكمه، وهو أنه لو لم ينف المذكور والحكم عما عداه لم يكن لذكره فائدة كما في خبر الصحيحين «مطل الغني ظلم» أي بخلاف مطل غيره.

(والخلاف في أن المفهوم) مطلقا {لا عموم له لفظي} أي عائد إلى اللفظ والتسمية أي هل يسمى عاما أو لا. بناء على أن العموم من عوارض الألفاظ والمعاني أو الألفاظ فقط، وأما من جهة المعنى فهو شامل لجميع صور ما عدا المذكور بما مر من عرف وإن صار به منطوقا أو معنى. (ومعيار العموم) أي ضابطه (الاستثناء) فكل ما صح الاستثناء منه مما لا حصر فيه فهو عام كالجمع المعرف للزوم تناوله المستثنى نحو جاء الرجال إلا زيدا، ولا يصح الاستثناء من الجمع المنكر إلا أن يخصص فيعم ما يخصص به نحو قام رجال كانوا في دارك إلا زيدا منهم، ويصح جاء رجل إلا زيد بالرفع على أن إلا صفة بمعنى غير كما في {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} (والأصح أن الجمع المنكر) في الإثبات نحو جاء رجال أو عبيد. (ليس بعام) إن لم يتخصص فيحمل على أقل الجمع ثلاثة أو اثنين لأنه المحقق، وقيل إنه عام لأنه كما يصدق بذلك يصدق بجميع الأفراد وبما بينهما، فيحمل على جميع الأفراد احتياطا إلا أن يمنع منه مانع كما في رأيت رجالاً فعلى أقل الجمع قطعا، والخلاف كما قال جماعة جار في جمع القلة والكثرة. وقال الصفي الهندي محله في جمع الكثرة. (و) الأصح (أن أقل) مسمى (الجمع) كرجال ومسلمين (ثلاثة) لتبادرها إلى الذهن، وقيل اثنان، لقوله تعالى {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} أي عائشة وحفصة وليس لهما إلا قلبان. قلنا مثل ذلك مجاز والداعي له في الآية الكريمة كراهة الجمع بين التثنيتين في المضاف ومتضمنة وهما كالشيء الواحد بخلاف نحو جاء عبداكما، وينبني على الخلاف ما لو أقر أو أوصى بدراهم لزيد، والأصح أنه يستحق ثلاثة، لكن ما مثلوا به من جمع الكثرة مخالف لاطباق النحاة على أن أقله أحد عشر. ويجاب بأن أصل وضعه ذلك لكن غلب استعماله عند الأصوليين في أقل جمع القلة، وقد أشار إلى ذلك في منع الموانع كما بينته في الحاشية.

(و) الأصح (أنه) أي الجمع (يصدق بالواحد مجازا) لاستعماله فيه كقول الرجل لامرأته وقد برزت لرجل أتتبرجين للرجال؟ لاستواء الواحد والجمع في كراهة التبرج له، وقيل لا يصدق به ولم يستعمل فيه والجمع في هذا المثال عل بابه لأن من برزت لرجل تبرز لغيره عادة. (و) الأصح (تعميم عام سيق لغرض) كمدح وذم وبيان مقدار. (ولم يعارضه عام آخر) لم يسق لذلك إذ ما سيق له لا ينافي تعميمه، فإن عارضه العام المذكور لم يعم فيما عورض فيه جمعا بينهما كما لو عارضه خاص، وقيل لا يعم مطلقا لأنه لم يسق للتعميم، وقيل يعمه مطلقا كغيره وينظر عند المعارضة إلى مرجح مثاله ولا معارض {إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم} ومع المعارض {والذين هم لفروجن حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} فإنه وقد سيق للمدح يعم بظاهره إباحة الجمع بين الأختين بملك اليمين وعارضه في ذلك {وأن تجمعوا بين الأختين} فإنه وإن لم يسق للمدح بل لبيان الحكم شامل لحرمة جمعهما بملك اليمين، فحمل الأول على غير ذلك بأن لم يرد تناوله، وقولي تبعا للبرماوي لغرض أولى من قول الأصل بمعنى المدح والذم، أما إذا سيق العام المعارض لغرض أيضا فكل منهما عام فيتعارضان فيحتاج إلى مرجح. (و) الأصح (تعميم نحو لا يستوون) من قوله تعالى {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون} ، {لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة} فهو لنفي جميع وجوه الاستواء الممكن نفيها لتضمن الفعل المنفي لمصدر منكر، وقيل لا يعم نظرا إلى أن الاستواء المنفي هو الاشتراك من بعض الوجوه، فهو على هذا من سلب العموم، وعلى الأول من عموم السلب وعليه يستفاد من الآيتين بأن يراد بالفاسق في الأولى الكافر بقرينة مقابلته بالمؤمن أن الكافر لا يلي أمر ولده المسلم، وأن المسلم لا يقتل بالذمي، وخالف في المسألتين الحنفية، والمراد بنحو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015