وإنما يقوم بالجوهر الفرد أو المركب. أي الجسم كما مر وجوز الحكماء قيامه بالعرض، إلا أنه بالآخرة تنتهي سلسلة الأعراض إلى جوهر أي جوزوا اختصاص العرض بالعرض اختصاص النعت بالمنعوت كالسرعة والبطء للحركة، وعلى الأول هما عارضان للجسم وليسا بعرضين زائدين على الحركة، لأنها أمر ممتد يتخلله سكنات أقل أو أكثر باعتبارها تسمى الحركة سريعة وبطيئة.

(و) الأصح أن العرض (لا يبقى زمانين) بل ينقضي ويتجدّد مثله بإرادته تعالى في الزمان الثاني، وهكذا على التوالي حتى يتوهم من حيث المشاهدة أنه مستمر باق. وقال الحكماء إنه يبقى إلا الحركة والزمان والأصوات. (و) الأصح أن العرض (لا يحل محلين) وإلا لأمكن حلول الجسم الواحد في مكانين في حالة واحدة وهو محال، وقال قدماء الفلاسفة القرب ونحوه مما يتعلق بطرفين يحل محلين، وعلى الأول قرب أحد الطرفين مخالف لقرب الآخر بالشخص وإن تشاركا في الحقيقة. (و) الأصح (أن) العرضين (المثلين) بأن يكونا من نوع (لا يجتمعان) في محل واحد إذ لو قبلهما المحل لقبل الضدين، إذ القابل لشيء لا يخلو عنه أو عن مثله أو عن ضده واللازم باطل وجوزت المعتزلة اجتماعهما محتجين بأن الجسم المغموس في الصبغ ليسودّ يعرض له سواد، ثم آخر فآخر إلى أن يبلغ غاية السواد بالمكث. قلنا عروض السواد آت له ليس على وجه الاجتماع بل على وجه البدل فيزول الأول ويخلفه الثاني، وهكذا بناء على أن العرض لا يبقى زمانين كما مر، (كالضدين) . فإنهما لا يجتمعان كالسواد والبياض لا كالبياض والخضرة لأنهما ليسا في غاية الخلاف (بخلاف الخلافين) ، وهما أعم من الضدين فإنهما يجتمعان كالسواد والحلاوة، وفي كل من الأقسام يجوز ارتفاع الشيئين نعم يمتنع في ضدّين لا ثالث لهما. (والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان) كالقيام وعدمه، ودليل الحصر فيما ذكر أن المعلومين إن أمكن اجتماعهما فالخلافان والافان لم يمكن ارتفاعهما فالنقيضان أو الضدان اللذان لا ثالث لهما، وإلا فإن اختلفت حقيقتهما فالضدان اللذان لهما ثالث وإلا فالمثلان، وفائدته أنه لا يخرج عن الأربعة شيء إلا ما تفرد الله به لأنه تعالى ليس ضدًّا لشيء ولا نقيضا ولا خلافا ولا مثلاً.

(و) الأصح (أن أحد طرفي الممكن) وهما الوجود والعدم (ليس أولى به) من الآخر، بل هما بالنظر إلى ذاته جوهرا كان أو عرضا على السواء، وقيل العدم أولى به مطلقا لأنه أسهل وقوعا في الوجود لتحققه بانتفاء شيء من أجزاء العلة التامة للوجود المفتقر في تحققه إلى تحقق جميعها، وقيل أولى به في الأعراض السيالة كالحركة والزمان والصوت دون غيرها وقيل الوجود أولى به عند وجود العلة وانتفاء الشرط لوجود العلة وإن لم يوجد هو لانتفاء الشرط. (و) الأصح (أن) الممكن (الباقي محتاج) في بقائه، (إلى مؤثر) ، كما يحتاج إليه في ابتداء وجوده، وقيل لا كما لا يحتاج بقاء البناء بعد بنائه إلى فاعل. (سواء) على الأول (قلنا إن علة احتياج الأثر) أي الممكن في وجوده (إلى المؤثر) أي العلة التي لاحظها العقل في ذلك، (الإمكان) أي استواء الطرفين بالنظر إلى الذات) (أو الحدوث) أي الخروج من العدم إلى الوجود، (أو هما) على أنهما (جزآ علة أو الإمكان بشرط الحدوث) وهي (أقوال) فيحتاج الممكن في بقائه إلى مؤثر على الأول، لأن الإمكان لا ينفك عنه، وعلى جميع بقيتها، لأن شرط بقاء الجوهر العرض والعرض لا يبقى زمانين فيحتاج في كل زمان إلى المؤثر. (و) الأصح (أن المكان) الذي لا خفاء في أن الجسم ينتقل عنه، وإليه ويسكن فيه فيلاقيه بالمماسة أو النفوذ كما سيأتي معناه اصطلاحا. (بعد مفروض) أي مقدر (ينفذ فيه بعد الجسم وهو) أي هذا البعد. (الخلاء والخلاء جائز عندنا والمراد به كون الجسمين لا يتماسان ولا) يكون (بينهما ما يماسهما) ، فهذا الكون الجائز هو الخلاء الذي هو معنى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015