(عند الحامل) وهو المجتهد مطلقا أو مقيدا وافق ما في نفس الأمر أو لا، بأن ظهر غلطه، فتناول الحد القياس الفاسد كالصحيح. (وإن خص) المحدود (بالصحيح حذف) من الحدّ (الأخير) وهو عند الحامل فلا يتناول حينئذ إلا الصحيح لانصراف المساواة المطلقة إلى ما في نفس الأمر والفاسد قبل ظهور فساده معمول به كالصحيح. وحدّ شيخنا الكمال ابن الهمام القياس بأنه مساواة محل لآخر في علة حكم شرعي له، وهو لا يشمل غير الشرعي، لكنه أخصر من الحدّ الأوّل وأقرب إلى مدلول القياس اللغوي الذي مرّ بيانه وسالم مما أورد على الأوّل من أن الحمل فعل المجتهد فيكون القياس فعله مع أنه دليل نصبه الشرع نظر فيه المجتهد أو لا، كالنص لكن جواب الإيراد أنه لا تنافي بين كونه فعل المجتهد ونصب الشارع إياه دليلاً. (وهو) أي القياس (حجة في الأمور الدنيوية) كالأغذية. (وكذا في غيرها) كالشرعية (في الأصح) لعمل كثير من الصحابة به متكررا شائعا مع سكوت الباقين الذي هو في مثل ذلك من الأصول العامة وفاق عادة، ولقوله تعالى {فاعتبروا} والاعتبار قياس الشيء بالشيء فيجوز القياس في ذلك، وقيل يمتنع فيه عقلاً، وقيل شرعا، وقيل يمتنع فيه إن كان غير جليّ، وقيل يمتنع في الحدود والكفارات والرخص والتقديرات، وقيل غير ذلك. والأصح الأوّل فو جائز فيما ذكر. (إلا في العادية والخلقية) أي التي ترجع إلى العادة والخلقة كأقل الحيض أو النفاس أو الحمل وأكثره فيمتنع ثبوتها بالقياس في الأصح، لأنها لا يدرك المعنى فيها، بل يرجع فيها إلى قول من يوثق به، وقيل يجوز لأنه قد يدرك المعنى فيها. (وإلا في كل الأحكام) فيمتنع ثبوتها بالقياس في الأصح، لأن منها ما لا يدرك معناه كوجوب الدية على العاقلة، وقيل يجوز
حتى إن كلاً من الأحكام صالح لأن يثبت بالقياس بأن يدرك معناه ووجوب الدية على العاقلة له معنى يدرك، وهو إعانة الجاني فيما هو معذور فيه، كما يعان الغارم لأصلاح ذات البين بما يصرف إليه من الزكاة.
(وإلا القياس على منسوخ فيمتنع) فيه. (في الأصح) لاكتفاء اعتبار الجامع بالنسخ وقيل يجوز فيه، لأن القياس مظهر لحكم الفرع الكمين ونسخ الأصل ليس نسخا للفرع، وقولي من زيادتي فيمتنع تنبيه على أن الخلاف، إنما هو في امتناع القياس لا في عدم حجيته. (وليس النص عل العلة) لحكم ولو في جانب الكف. (أمرا بالقياس) أي ليس أمرا به (في الأصح) لا في جانب الفعل غير الكف كأكرم زيدا لعلمه، ولا في جانب الكف نحو الخمر حرام لإسكارها، وقيل إنه أمر به في الجانبين، إذ لا فائدة لذكر العلة إلا ذلك. قلنا لا نسلم الحصر لجواز كون الفائدة بيان مدرك الحكم ليكون أوقع في النفس، وقيل إنه أمر به في جانب الكف دون غيره لأن العلة في الكف المفسدة، وإنما يحصل الغرض من انعدامها بالكف عن كل فرد مما تصدق عليه العلة والعلة في غيره المصلحة، ويحصل الغرض من حصولها بفرد. قلنا قوله عن كل فرد إلى آخره ممنوع، بل يكفي الكف عن كل فرد مما يصدق عليه محل المعلل.
(وأركانه) أي القياس (أربعة) مقيس عليه ومقيس ومعنى مشترك بينهما وحكم للمقيس عليه يتعدّى بواسطة المشترك إلى المقيس. (الأول) وهو المقيس عليه (الأصل) أي يسمى به كما يسمى المقيس بالفرع كما سيأتي، ولكون حكم الأصل غير حكم الفرع باعتبار المحل، وإن كان عينه بالحقيقة صح تفرع الثاني على الأول باعتبار دليلهما وعلم المجتهد بهما لا باعتبار ما في نقس الأمر، إذ الأحكام قديمة ولا تفرع في القديم. (والأصح أنه) أي الأصل المقيس عليه (محل الحكم المشبه به) بالرفع صفة المحل أي المقيس عليه، وقيل هو حكم المحل، وقيل دليل الحكم (و) الأصح (أنه لا يشترط) في الأصل المذكور (دال) أي دليل (على جواز القياس عليه بنوعه أو شخصه ولا الاتفاق على وجود العلة فيه) وقيل يشترطان فعلى اشتراط الأول لا يقاس في مسائل البيع مثلاً