بأن كانوا طبقات فلم يخبر عن محسوس إلا الطبقة الأولى منهم (كفى) في حصول التواتر (ذلك) أي إخبار الأولى عن محسوس لها مع كون كل طبقة من غيرهاجمعا يؤمن تواطؤهم على الكذب كما علم مما مر، بخلاف ما لو لم يكونوا كذلك فلا يفيد خبرهم التواتر، وبهذا بان أن المتواتر في الطبقة الأولى قد يكون آحادا فيما بعدها كما في القراءات الشاذة، وتعبيري بثم إلى آخره أولى من تعبيره بما ذكره، كما لا يخفى على المتأمل، وقد أوضحت ذلك في الحاشية. (و) الأصح (أن علمه) أي المتواتر أي العلم الحاصل منه (لكثرة العدد) في راويه (متفق) للسامعين له فيجب حصوله لكل منهم. (وللقرائن) الزائدة على أقل العدد الصالح له بأن تكون لازمة له من أحواله المتعلقة به أو بالمخبر به أو بالمخبر عنه. (قد يختلف) فيحصل لزيد دون غيره من السامعين لأن القرائن قد تقوم عند شخص دون آخر، أما الخبر المفيد للعلم بالقرائن المنفصلة عنه فليس بمتواتر، وقيل يجب حصول العلم من المتواتر مطلقا، لأن القرائن في مثل ذلك ظاهرة لا تخفى على السامع، وقيل لا يجب ذلك مطلقا بل قد يحصل لكل منهم ولبعضهم فقط لجواز أن لا يحصل لبعض بكثرة العدد كالقرائن. (و) الأصح (أن الإجماع على وفق خبر) لا يدل على صدقه في نفس الأمر مطلقا لاحتمال أن يكون للإجماع مستند آخر، وقيل يدل عليه مطلقا لأن الظاهر استناد المجمعين إليه لعدم ظهور مستند غيره، وقيل يدل إن تلقوه بالقبول بأن تعرضوا للاستناد إليه، وإلا فلا يدل لجواز استنادهم إلى غيره. (و) الأصح أن (بقاء خبر تتتوفر الدواعي على إبطاله) بأن لم يبطله ذوو الدواعي مع سماعهم له آحادا لا يدل على صدقه، وقل يدل عليه للاتفاق على قبوله حينئذ. قلنا الاتفاق على قبوله إنما يدل

على ظنهم صدقه، ولا يلزم منه صدقه في نفس الأمر مثاله قوله صلى الله عليه وسلّم لعلي رضي الله عنه «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» رواه الشيخان. فإن دواعي بني أمية وقد سمعوه متوفرة على إبطاله لدلالته على خلافة علي رضي الله عنه كما قيل كخلافة هارون عن موسى بقوله اخلفني في قومي وإن مات قبله، ولم يبطلوه وأجوبة ذلك مذكورة في كتب أصول الدين.

(و) الأصح أن (افتراق العلماء) في خبر (بين مؤول) له (ومحتج) به (لا يدل على صدقه) . وقيل يدلّ عليه للاتفاق على قبوله حينئذ. قلنا جوابه ما مر آنفا. (و) الأصح (أن المخبر) عن محسوس (بحضرة عدد التواتر ولم يكذبوه ولا حامل) لهم (على سكوتهم) عن تكذيبه من نحو خوف أو طمع في شيء منه أو عدم علم بخبره صادق فيما أخبر به، لأن سكوتهم تصديق له عادة فيكون الخبر صدقا. وقيل لا إذ لا يلزم من سكوتهم تصديقه لجواز سكوتهم عن تكذيبه لا لشيء والتصريح بعدد التواتر من زيادتي. (أو) أي والأصحّ أن المخبر عن محسوس (بمسمع من النبي صلى الله عليه وسلّم) أي بمكان يسمعه منه النبيّ. (ولا حامل) له (على سكوته) عن تكذيبه (صادق) فيما أخبر به دينيا كان أو دنيويا، لأن النبي لا يقر أحدا على كذب، وقيل لا إذ لا يدل سكوته على صدق المخبر أما في الدين، فلجواز أن يكون النبي بينه أو أخر بيانه بما يخالف ما أخبر به المخبر. وأما في الدنيوي، فلجواز أن لا يكون النبي يعلم حاله كما في إلقاح النخل، روى مسلم عن أنس أنه صلى الله عليه وسلّم مرّ بقوم يلقحون فقال «لو لم تفعلوا لصلح» . قال فخرج شيصا فمرّ بهم فقال «ما لنخلكم» ؟ قالوا قلت كذا وكذا. قال «أنتم أعلم بأمر دنياكم» . وقيل صادق في الدنيوي بخلاف الديني،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015