وقال ابن الجوزي: «وإذا رأيت عيبًا في شخص فلا تلحن عليه بالتأديب، فالطبع عليه أغلب، وداره فحسب، واعلم أن التأديب مثله كمثل البذر، والمؤدب كالأرض؛ متى كانت الأرض رديئةً ضاع البذر فيها، ومتى كانت صالحةً نشأ ونما، فتأمل بفراستك من تخاطبه وتؤدبه وتعاشره، ومل إليه بقدر صلاح ما ترى من بدنه وآدابه».

وقال _ أيضًا _: «كان لي أصدقاء وإخوان، فرأيت منهم الجفاء،

فأخذت أعتب، فقلت: وما ينفع العتاب؟ فإنهم إن صلحوا فللعتاب لا للصفاء، فهممت بمقاطعتهم، فقلت: لا تصلح مقاطعتهم؛ ينبغي أن تنقلهم إلى ديوان الصداقة الظاهرة، فإن لم يصلحوا لها فإلى جملة المعارف، ومن الغلط أن تعاتبهم».

وقال ابن المقفع في «الأدب الكبير»: «اجعل غاية نيتك في مؤاخاة من تؤاخي ومواصلة من تواصل: توطين نفسك على أنه لا سبيل إلى قطيعة أخيك وإن ظهر لك منه ما تكره فإنه ليس كالمملوك الذي تعتقه إذا شئت، أو كالمرأة التي تطلقها إذا شئت، ولكنه عرضك ومروءتك؛ فإنما مروة الرجل إخوانه وأخدانه، فإن عثر الناس على أنك قطعت رجلًا من إخوانك _ وإن كنت معذرًا _ نزل ذلك عند أكثرهم بمنزلة الخيانة للإخاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015