قلت الذي قلت، ثم ألنت له الكلام! قال: «أي عائشة! إن شر الناس: من تركه الناس _ أو ودعه الناس _ اتقاء فحشه».
قال النووي في شرحه لـ «صحيح مسلم»: «وفي هذا الحديث مداراة من يتقى فحشه، وجواز غيبة الفاسق المعلن فسقه ومن يحتاج الناس إلى التحذير منه ... ولم يمدحه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ذكر أنه أثنى عليه في وجهه ولا في قفاه؛ إنما تألفه بشيء من الدنيا مع لين الكلام».
وقال الماوردي: «فإن أغفل تألف الأعداء مع وفور النعمة وظهور الحسدة توالى عليه مكر حليمهم وبادرة سفيههم ... وليس ينبغي أن يكون لهم راكنًا، وبهم واثقًا؛ بل يكون منهم على حذر، ومن مكرهم على تحرز؛ فإن العداوة إذا استحكمت في الطباع صارت طبعًا لا يستحيل، وجبلةً لا تزول، وإنما يستكفى بالتألف إظهارها، وتستدفع به أضرارها؛ كالنار يستدفع بالماء إحراقها ويستفاد به إنضاجها وإن كانت محرقةً بطبع لا يزول وجوهر لا يتغير».
قلت: ويريد بهذا المثل قول ابن نباتة السعدي الذي ذكره بعد كلامه:
وإذا عجزت عن العدو فداره ... وامزج له إن المزاج وفاق