الأولين أن صحبة بليد نشأ مع العلماء أحب إليهم من صحبة لبيب نشأ مع الجهال».
وقال الماوردي في كتابه «أدب الدنيا والدين» ذاكرًا فضل مجالسة أهل الخير ومصاحبتهم بقوله: «فإذا كاثرهم المجالس وطاولهم المؤانس أحب أن يقتدي بهم في أفعالهم ويتأسى بهم في أعمالهم، ولا يرضى لنفسه أن يقصر عنهم، ولا أن
يكون في الخير دونهم، فتبعثه المنافسة على مساواتهم، وربما دعته الحمية إلى الزيادة عليهم والمكاثرة لهم، فيصيروا سببًا لسعادته، وباعثًا على استزادته، والعرب تقول: (لولا الوئام لهلك الأنام)؛ أي: لولا أن الناس يرى بعضهم بعضًا فيقتدى بهم في الخير لهلكوا، ولذلك قال بعض البلغاء: (من خير الاختيار: صحبة الأخيار، ومن شر الاختيار: مودة الأشرار)، وهذا صحيح؛ لأن للمصاحبة تأثيرًا في اكتساب الأخلاق، فتصلح أخلاق المرء بمصاحبة أهل الصلاح، وتفسد بمصاحبة أهل الفساد».
قلت: ولهذا جاء النهي عن الهجران، والترهيب منه:
فقد أخرج الإمام أحمد في «مسنده» عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده؛ ما تواد اثنان ففرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما».