وَهِيَ تَبْيِينُ الحُكم الشَّرعِي بِلا إِلزَامٍ وَيَنْبَغِي لِلْمُسْتَفْتِي أَنْ يَحْفَظَ الأَدَبَ مَعَ المُفْتِي وَيُجِلَّهُ وَيُعَظِّمَهُ، وَلَا يَفْعَلُ مَا جَرَتْ عَادَةُ العَوَّامِ بِهِ كَإِيمَاءٍ فِي وَجهِهِ، أَو مَا مَذْهَبُ إمَامِكَ فِي كَذَا أَوْ مَا تَحفَظُهُ أَو إنْ كَانَ جَوَابُكَ مُوَافِقًا فَاكتُبْ وَإلَّا فَلَا، وَلَا يُطَالِبُهُ بِالْحُجَّةِ لَكِنْ إنْ عَلِمَ الْمُفْتِي غَرَضَ السائِلِ فِي شَيءٍ (?) لَم يَجُزْ أَنْ يَكْتُبَ بِغَيرِهِ وَيَحْرُمُ الْحُكْمُ وَالْفُتْيَا بِالهَوَى وبِقَولٍ أو وَجهٍ مِن غَيرِ نَظَرٍ فِي التَّرجِيحِ إجمَاعًا؛ وَيَجِبُ أَنْ يَعمَلَ بِمُوجِبِ اعتِقَادِهِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيهِ وَكَانَ السَّلَفُ يَهَابُونَ الْفُتْيَا ويشَدِّدُونَ فِيهَا وَيَتَدَافَعُونَهَا وَأَنكَرَ الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ عَلَى مَنْ يَهجُمُ عَلَى الجَوَابِ وَقَال: لَا يَنْبَغِي أَن يُجِيبَ فِي كُلِّ مَا يُستفتَى فِيهِ، وَقَال: إذَا هَابَ الرَّجُل شَيئًا لَا يَنْبَغِي أن يُحمَلَ عَلَى مَا (?) يَقُولُ وَقَال: لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أن يُنَصِّبَ نَفسَهُ لِلفُتيَا حَتى يَكُونَ فِيهِ خَمسُ خِصَالٍ أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ لَم يَكُن لَهُ نِيَّة لَم يَكُنْ عَلَيهِ وَلَا عَلَى كَلَامِهِ نُورٌ، وأَنْ يَكُونَ لَهُ حِلمٌ وَوَقَارٌ وَسَكِينَةٌ وَأَن يَكُونَ قَويًّا عَلَى مَا هُوَ فِيهِ وَعَلَى مَعرِفَتِهِ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ كِفَايَةٌ وَإِلَّا بَغَضَهُ النَّاسُ؛ فَإِنَّهُ إذَا احتَاجَ أَخَذَ مِمَّا فِي أَيدِيهِم وَأنْ يَعْرِفَ الناسَ وَخِدَاعَهُم (?)، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحسِنَ