بإحالته وَالْمُدَّعى لذَلِك لَيْسَ هُوَ فى ضرب الْمِثَال إِلَّا كمن يدعى ظُهُور نبى آخر بعد النبى عَلَيْهِ السَّلَام أَو وجود إِمَام قبل الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة أَو أَن الْبَحْر نشف فى بعض الْأَوْقَات أَو الدجلة اَوْ الْفُرَات وَلَا يخفى مَا فى ذَلِك من الْإِبْطَال
وَلَا يُمكن أَن يكون خوف السَّيْف مَانع من نقل ذَلِك وإظهاره فى الْعَادة كَمَا لم يمْنَع دَعْوَى الْمُعَارضَة فى كل زمَان وَإِن كَانَ ذَلِك لما فى الْقُرْآن بل الْوَاجِب بِالنّظرِ إِلَى الْعَادَات وَمُقْتَضى الطباع النَّقْل لمثل مَا هُوَ من هَذَا الْقَبِيل وَلَو على سَبِيل الْإِسْرَار كَمَا قد جرت بِهِ عَادَة النَّاس فِي التحدث بمساوئ مُلُوكهمْ وَإِظْهَار معايبهم وَإِن كَانَ خوف السَّيْف قَائِما فى حَقهم لَا سِيمَا وبلاد الْكفَّار متسعة وَكلمَة الْكفْر فى غير مَوضِع شائعة فَلَو كَانَ ذَلِك مِمَّا لَهُ وُقُوع قد أشيع كَمَا أشيع غَيره مِمَّا لَيْسَ بموافق للدّين وَلَا يتقبله أحد من الْمُسلمين
وَلَا جَائِز أَن يُقَال إِن ترك الْمُعَارضَة مَحْمُول على الإهمال أَو على الْغَفْلَة عَن كَون الْمُعَارضَة مُوجبَة للإفحام أَو على اعْتِقَاد ان السَّيْف أبلغ فى دحره وردعه وَإِبْطَال جعوته فَإِن النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد كَانَ يقرعهم بالعى ويردد عَلَيْهِم تعجيزهم فى الْأَحْيَاء وَيَقُول {فَأتوا بِسُورَة مثله وَادعوا من اسْتَطَعْتُم من دون الله} مَعَ أَن الْعَرَب قد كَانَت فى محافلها تتفاخر بمعارضة الركيك من الشّعْر وتتناظر فى مجالسها بِمُقَابلَة السخيف من النثر وَلَا محَالة أَن الْقُرْآن فى نظر من لَهُ أدنى ذوق من الْعَرَبيَّة وَأَقل نِصَاب من الْأُمُور الأدبية لَا يتقاصر عَن فصيح أَقْوَال الْعَرَب وبديع فصولهم فى النّظم