الْجَوَاز بل لَو قيل إِنَّه يدل على الْجَوَاز لقد كَانَ ذَلِك سائغا وَاقعا من جِهَة انه لم يقل لست بمرئ بل احال ذَلِك على عجز الرائى وَضَعفه عَن الْإِدْرَاك بقوله {لن تراني} وَلَو كَانَ غير مرئى لَكَانَ الْجَواب لست بمرئى كَمَا لَو قَالَ أرنى أنظر إِلَى صُورَتك ومكانك فَإِنَّهُ لَا يحسن أَن يُقَال لن ترى صورتى وَلَا مكانى بل لست بذى صُورَة وَلَا مَكَان
وعَلى الْجُمْلَة فلسنا نعتمد فِي هَذِه الْمَسْأَلَة على غير المسلك العقلى الذى اوضحناه إِذْ مَا سواهُ لَا يخرج عَن الظَّوَاهِر السمعية والاستبصارات الْعَقْلِيَّة وهى مِمَّا يتقاصر عَن إِفَادَة الْقطع وَالْيَقِين فَلَا يذكر إِلَّا على سَبِيل التَّقْرِيب واستدراج قَانِع بهَا إِلَى الإعتقاد الحقيقى إِذْ رب شخص يكون انقياده إِلَى ظواهر الْكتاب وَالسّنة واتفاق الْأمة اتم من انقياده الى المسالك الْعَقْلِيَّة والطرق اليقينية لخشونة معركها وقصوره عَن مدركها
وَإِذا عرف جَوَاز الرُّؤْيَة عقلا فَيدل على وُقُوعهَا شرعا قَوْله تَعَالَى {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة} وَوجه الِاحْتِجَاج مِنْهُ أَن النّظر فِي لُغَة الْعَرَب قد يُطلق بِمَعْنى