تَعَالَى قَول الكليم {أَرِنِي أنظر إِلَيْك} وَلَو كَانَ مستحيلا لَكَانَ الكليم الْأمين على الرسَالَة الْمُصْطَفى للنبوة جَاهِلا بِاللَّه وَمِمَّا يكون لَو كَانَ عَلَيْهِ لجَاز أَن يَعْتَقِدهُ جسما أَو عرضا أَو غير ذَلِك وَذَلِكَ مِمَّا تأباه الْعُقُول ومراتب الْإِمَامَة حَيْثُ اعْتقد بِاللَّه مَا لَا يَلِيق بِهِ وَذَلِكَ كفر وَلَا يلْزم عَلَيْهِ عدم مَعْرفَته لوُقُوع الرُّؤْيَة فِي الدُّنْيَا فان الظَّن بذلك أَو الْجَهْل بِهِ لَا يعد كفرا
وَقَوله {تبت إِلَيْك} مِمَّا لَا ينْهض شبة فِي جَوَاز خطئه وجهله بذلك إِذْ التَّوْبَة قد تطلق بِمَعْنى الرُّجُوع وَمِنْه قَوْله {تَابَ عَلَيْهِم ليتوبوا} أى رَجَعَ عَلَيْهِم بِالْفَضْلِ والإنعام وَعند ذَلِك فَيحْتَمل أَنه أَرَادَ بِالتَّوْبَةِ أَن لَا يرجع إِلَى مثل تِلْكَ الْمَسْأَلَة لما رأى من الْأَهْوَال لَا لكَونه غير جَائِز فِي نَفسه وَيحْتَمل أَنه لما رأى تِلْكَ الْأَهْوَال تذكر لَهُ ذَنبا فأقلع عَنهُ بِالتَّوْبَةِ لَا لِأَن مَا سَأَلَ عَنهُ لَيْسَ جَائِزا فِي نَفسه وَلَا يُمكن حمل السُّؤَال على طلب مثل ذَلِك الْجَواب لأجل دفع توقعهم فِي قَوْلهم {أرنا الله جهرة} وَلَا على الْعلم بِاللَّه والمعرفة بِهِ فانه كَيفَ يظنّ بالنبى سُؤال الْمحَال لأجل قومه بل لَو علم أَن ذَلِك مِمَّا لَا يجوز لبادر إِلَى دفعهم فِي الْحَال كَمَا قَالَ لَهُم {إِنَّكُم قوم تجهلون} عِنْد