الْمُقَابلَة والمقابة تستدعى الْجِهَة والجهة توجب كَونه جوهرا أَو عرضا فَإِنَّهُم لم يبنوا ذَلِك إِلَّا على فَاسد أصولهم فِي أَن الأدراك بالبصر لَا يكون إِلَّا بانبعاث الأشعة من الْعين واتصالها بالمبصر أَو انطباع المبصر فِي الْبَصَر بِسَبَب الْمُقَابلَة وتوسط المشف وَذَلِكَ كُله قد ابطلناه وَبينا أَنه لَيْسَ الْإِدْرَاك إِلَى نوعا من الْعُلُوم يخلقه الله تَعَالَى فِي الْبَصَر وَذَلِكَ لَا يُوجب فِي تعلقه بالمدرك مُقَابلَة وَلَا جِهَة أصلا كَيفَ وَأَن هَذَا لَا يسوغ من الْمُعْتَرف من الْخُصُوم بِكَوْن البارى تَعَالَى يرى نَفسه وَغَيره والا كَانَ البارى تعإلى فِي جِهَة ولكان الإزام عَلَيْهِ منعكسا

وَمن الاصحاب من أورد فِي دفع ذَلِك رُؤْيَة الْإِنْسَان نَفسه فِي الْمرْآة وان لم يكن فِي مُقَابلَة نَفسه لَكِن فِيهِ نظر وَهُوَ مِمَّا لَا يكَاد يقوى وللخصوم على مَا ذَكرْنَاهُ خيالان

الخيال الأول أَنهم قَالُوا مَا ذكرتموه فِي إِدْرَاك الْبَصَر اما تعممونه بِكُل الإدراكات أَو توجبون تَخْصِيصه بالبصر فَقَط فان قُلْتُمْ بالتعميم فيلزمكم على سِيَاقه أَن يكون البارى مسموعا ومشموما ومذاقا وملموسا وَذَلِكَ مِمَّا يتحاشى عَن القَوْل بِهِ ارباب الْعُقُول وان قُلْتُمْ بالتخصيص فَلَا بُد من وَجه الافترق بَينه وَبَين باقى الإدراكات والا فَهُوَ تحكم غير مَعْقُول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015