متغايرين بِمحل وَاحِد وَإِلَّا وهما متشابهان وَلَا يخفى أَن قيام الطول مثلا والسواد وَغَيره من الكيفيات بِمحل وَاحِد جَائِز وَإِن قرر أَنه لاشتباه فعلى هَذَا لَيْسَ الالتباس بَين الْأَشْيَاء إِلَّا لما يَقع بَينهَا من التشابه فِي أَنْفسهَا وَلَا يخفى انْتِفَاء التشابه بَين الإدراكات فِي أَنْفسهَا وَأَن الْحَاصِل من كل وَاحِد غير مَا حصل من الآخر
وعَلى مَا أَشَرنَا إِلَيْهِ من التَّحْقِيق يتَبَيَّن أَن مَا ذَكرُوهُ فِي السّمع وَالْبَصَر وَغَيرهمَا من الإدراكات لم يخل إِمَّا أَن يكون إِدْرَاكهَا لشئ بِخُرُوج شئ مِنْهَا إِلَيْهِ أَو بإتصال شئ مِنْهُ بهَا فَإِن قيل بِالْأولِ فالخارج اما جَوْهَر وَإِمَّا عرض لَا جَائِز أَن يكون جوهرا وَإِلَّا فَهُوَ إِمَّا مُتَّصِل أَو مُنْفَصِل لَا جَائِز أَن يكون مُتَّصِلا وَإِلَّا لزم أَن يكون قد خرج من الجرم الصَّغِير جرم مَلأ نصف كرة الْعَالم واتصل بالثوابت وَهُوَ مُتَعَذر وَإِن كَانَ مُنْفَصِلا فَهُوَ بَاطِل أَيْضا وَإِلَّا لأحس بِهِ الْخَارِج مِنْهُ وللزم أَلا يدْرك الْمدْرك بِسَبَب أَن مَا بِهِ الْإِدْرَاك خَارج عَنهُ وَأَن لَا يخْتَلف الشئ الْمدْرك أَو المسموع بِسَبَب الْقرب والبعد لكَون مَا بِهِ الْإِدْرَاك قد أحَاط بهما
هَذَا إِن كَانَ جوهرا وَإِن كَانَ عرضا فَهُوَ مُمْتَنع أَيْضا إِذْ الْعرض لَا تحرّك لَهُ بِنَفسِهِ وان تحرّك بمحله أوجب المحالات السَّابِق ذكرهَا فَإِن قيل إِن مَا بَين الْبَصَر والمبصر من الْهَوَاء المشف يَسْتَحِيل آلَة دراكه قُلْنَا فَيلْزم أَن تكون استحالته عِنْد اجْتِمَاع المبصرين أَشد وَإِذ ذَاك فَيجب أَن يكون إِدْرَاك الْوَاحِد للشئ عِنْد الِاجْتِمَاع