فِي السوَاد وَالْبَيَاض وَنَحْوهَا مِمَّا لَيْسَ بِصفة إضافية وَلَا يلْزم من كَون الصِّفَات الإضافية على مَا ذكر أَن يكون غَيرهَا مثلهَا وَلَا يخفى أَن الْإِدْرَاك لَيْسَ من ذَلِك الْقَبِيل المفتقر إِلَى الْجمع وَالضَّم فِي الأجرام
وَمِمَّا يدل على أَن الْإِدْرَاك غير مفتقر إِلَى البنية ويخص الْبَصرِيين الْقَائِلين بِكَوْن البارى مدْركا أَن يُقَال لَو كَانَت البنية شرطا لوَجَبَ طردها شَاهدا وغائبا كَمَا ذَهَبُوا اليه واعتمدوا عَلَيْهِ فِي الِاشْتِرَاط وَلَو كَانَ كَذَلِك لوَجَبَ كَون البارى ذَا بنية مَخْصُوصَة لضَرُورَة الأعتراف بِكَوْنِهِ مدْركا وَإِذا ذَاك فينقلب الْإِلْزَام وتتساوى فِيهِ الْأَقْدَام
فَإِن قيل اشْتِرَاط البنية إِنَّمَا هُوَ فِي حق الْمدْرك بادراك فَلَا يلْزم البنية فِي حَقه تَعَالَى فَانْظُر إِلَى هَؤُلَاءِ كَيفَ ساقهم الغى إِلَى كشف عَوْرَاتهمْ وإبداء زلاتهم ومناقضة أصولهم وَمُخَالفَة رسومهم وتحملهم بالجهالة فِيمَا لَا يعلمُونَ وإصرارهم على الْبَاطِل فِيمَا يَقُولُونَ حَيْثُ إِنَّهُم جعلُوا الْحَيَاة شرطا فِي الشَّاهِد لكَون الْعَالم عَالما بِعلم ثمَّ طردوا ذَلِك فِي حق الْغَائِب حَتَّى قَالُوا إِن الْحَيَاة شَرط كَونه عَالما وَإِن لم يكن عَالما بِعلم وَلم يجْعَلُوا البنية شرطا لكَون الْمدْرك مدْركا مَتى لم يكن مدْركا بِإِدْرَاك لضَرُورَة كَونهَا شرطا لكَون الْمدْرك بِإِدْرَاك وَلم يعلمُوا أَنهم فِي ذَلِك متحكمون وبدعواه متجاهلون وَأَنَّهُمْ لَو سئلوا عَن الْفرق لم يَجدوا إِلَيْهِ سَبِيلا
وَأما القَوْل بِأَن ذَلِك يفضى إِلَى الالتباس بَين الإدراكات غير مُسْتَقِيم وَذَلِكَ من جِهَة أَن الالتباس فِيهَا لَا يكون بِسَبَب اتِّحَاد محلهَا وَإِلَّا لما تصور قيام عرضين