أَنه زوج لضَرُورَة الْعلم بِأَن كل منقسم بمتساويين زوج وَمَا علم بالبصر بعد ذَلِك لَيْسَ هُوَ مَا كَانَ مَعْلُوما أَولا وَإِنَّمَا الْحَاصِل ثَانِيًا هُوَ نفس الْعلم بِخُصُوصِهِ وبكونه منقسما بمتساويين وَاخْتِلَاف متعلقات الْعلم وَاخْتِلَاف طرق تَحْصِيلهَا مِمَّا لَا يُؤثر اخْتِلَافا فِي نفس الْعلم الْمُتَعَلّق بهَا
فالطريق فِي الأنفصال أَن يُقَال الْإِنْسَان قد يجد من نَفسه معنى زَائِدا عِنْد السّمع وَالْبَصَر على مَا كَانَ قد علمه بِالدَّلِيلِ أَو الْخَبَر وَذَلِكَ مِمَّا لَا مراء فِيهِ كَمَا سبق فَالْمَعْنى بالإدراك لَيْسَ إِلَّا هَذَا الْمَعْنى وَسَوَاء سمى ذَلِك علما أَو إدراكا وَسَوَاء كَانَ مُتَعَلّقه أمرا تقييديا أَو تفصيليا أَو معنى خَاصّا أَو غير ذَلِك من المتعلقات فَإِن حَاصِل ذَلِك لَيْسَ يرجع إِلَّا إِلَى مَحْض الاطلاقات وَمُجَرَّد الْعبارَات فَلَا مشاحة فِيهَا بعد فهم مَعَانِيهَا فَإِن ذَلِك مِمَّا لَا يقْدَح فِي الْغَرَض بإبطاله أَو تَصْحِيحه وَعند ذَلِك فَلَا مبالاة بِمن اعتاص على فهمه قبُول هَذَا الِاعْتِقَاد وشمخ أَنفه عَن أَن ينقاد بعد ظُهُور الْحَقَائِق وانكشاف غور الدقائق وَمن رام فِي الِانْفِصَال عَن هَذَا الخيال غير مَا أَشَرنَا إِلَيْهِ فقد كلف نَفسه شططا وَذَلِكَ على النبيه مِمَّا لَا يخفى
وَمَا قيل من أَنه لَو كَانَ الْإِدْرَاك زَائِدا على نفس الْعلم لجَاز أَن يكون بَين يدى إِنْسَان سليم الْبَصَر فيل لَا يُدْرِكهُ لجَوَاز أَن لَا يخلق لَهُ الْإِدْرَاك بِهِ وَهُوَ محَال قُلْنَا ادِّعَاء كَونه محَال إِمَّا أَن ينظر فِيهِ إِلَى الإحالة الْعَقْلِيَّة أَو العادية فَإِن كَانَ الأول