والسنة كما نبه عليه ابن عبد الهادي الحافظ الشهير على ما سبق، وهو في كل ذلك لا يستحق هذا التعبير، فلا أرى اللائق به إلا أن يلقب بشيخ الغلاة، ومصنف "جلاء العينين" عفا الله عنه لم يعط خصوم الشيخ وأعداء الحق حقهم من سوء التعبير اللائق بضلالهم، ففي الحديث: "إذا مدح الفاسق غضب الرب"1.
ومن العجيب قول هذا الزائغ العنيد، النبهاني البليد، إن لقب شيخ الإسلام إنما كانوا يلقبون به قاضي القضاة، فابن تيمية بحسب هذا الاصطلاح لا يستحق لقب شيخ الإسلام..إلخ.
فإنه قد ذم إمامه من حيث لا يشعر، حيث كان هذا اللفظ فارغاً من المعنى، وادّعى اسماً بلا مسمى، كما هو شأنه اليوم في أمثاله، فإنا نسمع أن لهذا العصر مشايخ للإسلام كثيرين ولا مسمى لهم، ونراهم يقولون: فلان صاحب الفضيلة، وفلان صاحب السماحة، وفلان صاحب السحادة، وفلان صاحب العزة، وهلم جراً، ولا فضيلة ولا سماحة ولا سعادة ولا عزة لمن قيل له ذلك، كما هو معلوم لدى كل ذي فهم، ويتحرجون من إطلاق تلك الألفاظ على من اتصف بتلك المعاني حقيقة، حيث يصدهم عنه اصطلاح العصر، وهذا كما اصطلح أهل اللغة في عرفهم على تسمية الفلاة مفازة، والأعمى بصيراً، واللديغ سليماً. ونحو ذلك مما هو مذكور في موضعه.
وذكر العلامة ابن خلدون في الفصل الثاني والثلاثين من مقدمته2- في بيان التلقيب بأمير المؤمنين وأنه من سمات الخلافة وأنه محدث من عهد الخلفاء- قال: "فأما ملوك المشرق من العجم فكان الخلفاء يخصونهم بألقاب تشريفية، حتى يستشعر منها انقيادهم وطاعتهم وحسن ولايتهم، مثل شرف الدولة، وعضد الدولة، وركن الدولة، ومعز الدولة، ونصير الدولة، ونظام الملك، وبهاء