والإكرام"1. وفي الحديث الآخر: "اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك"2. فهذه الأدعية ونحوها مشروعة باتفاق العلماء، وأما إذا قال: أسألك بمعاقد العز من عرشك؛ فهذا فيه نزاع، رخص فيه غير واحد لمجيء الأثر به، ونقل عن أبي حنيفة كراهته، قال أبو الحسين القدوري في شرح الكرخي: قال بشر بن الوليد: سمعت أبا يوسف قال: قال أبو حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به، وأكره أن يقول بمعاقد العز من عرشك أو بحق خلقك، وهو قول لأبي يوسف.
قال أبو يوسف: بمعقد العز من عرشه هو الله فلا أكره هذا، وأكره بحق فلان، وبحق أنبيائك ورسلك، وبحق البيت والمشعر الحرام، بهذا الحق يكره، قالوا جميعاً فالمسألة بخلقه لا تجوز، لأنه لا حق للخلق على الخالق، فلا يجوز أن يسأل بما ليس مستحقاً، ولكن معقد العز من عرشك هل هو سؤال بمخلوق أو بالخالق؟ فيه نزاع بينهم، فلذلك تنازعوا فيه، وأبو يوسف بلغه الأثر فيه (أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم، وجدك الأعلى، وكلماتك التامة) فجوزه لذلك.
وقد نازع في هذا بعض الناس، وقالوا: في حديث أبي سعيد الذي رواه ابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء الذي يقوله الخارج إلى الصلاة: "اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا رياءً، ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك، وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي"3 وقد قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} 4 على قراءة الجر كما يقال سألتك بالله وبالرحم.