من دون الله ندا، يحبه كما يحب الله. 1 بل أكثرهم يحبون آلهتهم أعظم من محبة الله، ويغضبون لها ولا يغضبون إذا/ انتقص/2 أحد رب العالمين.
وقد شاهدنا نحن وغيرنا منهم جهرة، وترى أحدهم قد اتخذ ذكر إلهه ومعبوده على لسانه إن قام وإن قعد، وإن عثر وإن استوحش، وهو لا يذكر/إلا/3 ذلك، ويزعم أنه باب حاجته إلى الله، وشفيعه عنده؛ وهكذا كان عباد الأصنام سواء.
وهذا القدر هو الذي قام بقلوبهم، وتوارثه المشركون بحسب آلهتهم، فأولئك كانوا ألهتهم من الحجر، وغيرهم اتخذها من البشر. قال تعالى حايكا عن أسلاف هؤلاء: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} 4. فهذه حال من اتخذ من دون الله وليا، يزعم أنه يقربه إلى الله.
وما أعز من تخلص من هذا، بل ما أعز من لا يعادي من أنكره. والذي قام بقلوب هؤلاء المشركين وسلفهم، أن آلهتهم تشفع لهم عند الله، وهذا عين الشرك. وقد أنكر الله عليهم في كتابه وأبطله، وأخبر أن الشفاعة كلها لله، قال الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ، وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} 5. والقرآن مملوء من أمثال هذه الآية. ولكن أكثر الناس لا يشعرون بدخول الواقع تحته، ويظنه في قوم قد خلوا ولم يعقبوا وارثا. وهذا الذي يحول بين المرء وبين