...
"الرسالة الثامنة والثلاثون"1
قال جامع الرسائل:
وله أيضا –رحمه الله تعالى وعفا عنه-/2 رسالة إلى منيف بن نشاط، وقد سأله عن قول من يستدل على حل ذبيحة الوثني والمرتد بقوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} 3؛ وعن من كان في سلطان المشركين، وعرف التوحيد وعمل به، ولكن ما عاداهم، ولا فارق أوطانهم 4.
فأجاب –رحمه الله-، وصب عليه من شآيب بره ووالى، وبين له في جواب المسألة الثانية، الفرق بين من عجز عن إظهار عداوة المشركين لأجل الخوف، وأنه يعذر بذلك، وبين وجود العداوة، لأنها لا بد منها، فإن من لم تود العداوة من قلبه، لم يعاد المشركين، بخلاف الأول، فإنها موجودة في قلبه لكن عجز عن إظهارها. فالواجب عليه مفارقة أوطانهم، والبعد عنهم، فإن من لم يهاجر فإنه عاص لله بإقامته بين أظهر المشركين.
وكذلك سأله عمن كان في دار الإسلام ولم يتعلم أصل الدين، ولأجل الجهل بالإسلام يعزر ويوقر أعداء الدين.
فبين له في الجواب أن الناس بتفاوتون تفاوتا عظيما بحسب درجاتهم في الإيمان، إذا كان أصل الإيمان موجودا، والتفريط والترك إنما هو فيما دون ذلك من الواجبات والمستحبات.
فتدبر كلامه –رحمه الله- فإنه قد يتكلم في هذه المسألة من لا علم عنده، ولا