فهو كافر؛ ومن قال: أنا في الجنة، فهو في النار، انتهى1.
والعالم من يخشى اله، وهذا مأخوذ من قوله: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} 2 فإن الآية تقتضي حصر العلماء في أهل الخشية، كما تقتضي حصر الخشية في العلماء؛ وحقيقة العلم هو ما جاءت به الرسل من معرفة الله سبحانه بصفات الكمال ونعوت الجلال، وإثباتا لا تعطيلا، وتنزيها لا تمثيلا، وذلك يقتضي من إسلام الوجه له، والتبتل إليه وحده لا شريك له، حبا وإجلالا وتعظيما وذلا وإخلاصا وانقيادا؛ وهو محسن في ذلك بعدم الانحراف عما جاءت به الرسل، طاعة لهم وتكريما، وهذا أيضا يقتضي العلم بالأوامر الشرعية، لأن الجاهل لا يحسن السير.
ولا بد في العلم بهذا من النفوذ إلى ما جاءت به الرسل، فيعرف الحكم3 من دليله. وأما غير ذلك من أنواع العلوم التي أحدثت بعد خير القرون، في العقائد والعبادة بما لم يشرعن كما عليه كثير ممن يدعي العلم في باب معرفة الله سبحانه/وتعالى/4 فإنهم أخذوا العقيدة في هذا الباب عن أهل القوانين الكلامية كالجهمية وغيرهم ممن خرج عن العقائد السلفية. وكما عليه كثير من أهل الطريق والتصوف، فإنهم أحدثوا من التعبد بالذوق والعقول، ما لم ترد به هذه الشريعة، وكذلك من اقتصر على تقليد المتأخرين في الأحكام، ولم يلتفت إلى أخذ الحكم من هدي سيد الأنام؛ فهذا ونحوه-وإن جاز لهم التقليد- فليسوا من أهل العلم بالإجماع، كما حكاه الحافظ ابن عبد البر5 رحمه الله.
وبالجملة، لو عرفت حقيقة العلم، لأحجمت عن عد نفسك من أهله، ولأيقنت أن