وأنت قد خالفت سبيلهم، وخرجت عن منهاجهم، وضللت المحجّة؛ وخالفت مقتضى البرهان والحجة، واستغنيت برأيك، وانفردت بنفسك، عن المتوسمين بطلب العلم، المنتسبين إلى السنة؛ ما أقبح الحور بعد الكور، وما أوحش زوال النعم، وحلول النقم!
إذا سمعت بعض عباراته المزخرفة، قلت: كيف ينهانا عن هذا فلانٌ، أو يأمر بالإعراض عن هذا الشأن؟ كأنك سقطت على الدرّة المفقودة، والضالة المنشودة، وقد يكون ما أطربك، وهزّ أعطافك، وحرّكك فلسفة منتنة، وزندقة مبهمة، أُخرجت في قالب الأحاديث النبوية، والعبارات السلفيّة، فرحم الله عبداً عرف نفسه، ولم يغتر بجاهه، وأناب إلى الله، وخاف الطرد عن بابه، والإبعاد عن جنابه.
وينبغي للإمام -أيده الله- أن ينزع هذا الكتاب، من أيديكم؛ ويلزمكم بكتب السنة، من الأمهات الست، وغيرها، {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} 1 انتهى2.
ثم جمعت أقوال أهل العلم، وما أفتوا به في هذا الكتاب، وتحذيرهم للطالب، والمسترشد. فمن ذلك: قول الذهبي3 في ترجمته للغزالي: (وأخذ في تأليف الأصول، والفقه، والكلام، والحكمة، وأدخل سيلان ذهنه، في مضايق الكلام، ومزال الأقدام؛ ولله سرٌّ في خلقه. وساق الكلام إلى أن قال: ذكر هذا عبد الغافر4، إلى أن قال: ثمّ حكي أنّه أنه راجع العلوم، وخاض في الفنون الدقيقة، والتقى بأربابها، حتى تفتحت له أبوابها، وبقي مدّة، وفتح عليه بابٌ من الخوف، بحيث شغله