واصف لأنّه الحق المبين، لا حق أحق منه، ولا شيء أبين منه؛ والعقول عاجزة قاصرة عن تحقيق صفة أصغر خلقه، كالبعوضة، وهو لا يكاد يرى، ومع ذلك يحول ويزول، ولا يرى له سمع ولا بصر، فما يتقلب به، ويحتال من عقله أخفى وأعضل مما ظهر من سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 1.
وقال بعضهم2 مخاطباً للزمخشري3، منكراً عليه نفي الصفات: شعر:
قل لمن يفهم عني ما أقول ... قصر القول فذا شرح يطول
أنت لا تفهم إياك لا ... من أنت ولا كيف الوصول
لا ولا تدري خفايا رُكَّبت ... بك حارت في خباياها العقول
أنت آكل الخبز لا تعرفه ... كيف يجري منك أم كيف تبول تبولتبول
أين منك الروح في جوهرها ... كيف تسري فيك أم كيف تحول
فإذا كانت طواياك التي ... بين جنبيك /كذا فيها ضلول/4
كيف تدري من على العرش استوى ... لا تقل كيف استوى كيف النزول5
وبالجملة: فهذا السؤال، سؤال مبتدع، جاهل بربه؛ وكيف يقول: إذا قلتم، إنّ الله على العرش استوى، وهو يسمع: إثبات الاِستواء، في سبعة مواضع من القرآن6.