إلى الله، وأخلص في عبادته، وصدق في معاملته، كان له من القرب بحسب صدقه وإخلاصه ورتبته من الإيمان. فترتفع عنه حجب الشهوات والشبهات، وينقشع عنه ليلها وظلامها1؛ وهذا المعنى حق لا شك فيه.
ويضاف القرب إلى الله تعالى، كما في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} 2 فهذا قرب خاص للسائلين والداعين، وقد يقرب من عباده، ومن القلوب الطيبة كيف ما شاء لكنه قرب خاص، ليس كما يظنه الجهمي من أن ذاته تحل في المخلوقات3، فهو -سبحانه- ليس كمثله شيء في صفاته وكمال عظمته وقدرته4، وينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر5، وهو مستو على عرشه6، عال فوق خلقه، لا تحيط به المخلوقات، ولا تحتوي عليه الكائنات، ويدنو7 عشية عرفة فيباهي ملائكته بأهل الموقف8، ومع ذلك فصفة العلو والاستواء ثابتة في تلك الحال، لا يخلو العرش منه9، ولا نعلم قدر