لا سيّما عند هذه الفتنة التي عمّت وطمّت، وأعمت وأصمّت، فإنها كما في حديث حذيفة (?)
قال: قلت يا رسول الله، إنّا كنّا في شرٍّ فذهب الله بذلك الشر، ِّ وجاء بالخير على يديك، فهل بعد الخير من شر؟ قال: "نعم"، قلت: ما هو؟ قال"فتن كقطع الليل المظلم، يتبع بعضها بعضاً، تأتيكم مشتبهة كوجوه البقر، لا تدرون أيّاً من أيّ " (?) .
فهذه الفتن الواقعة في هذا الزمان، من جنس ما أشير إليه في هذا الحديث، الذي خرّجه الإمام أحمد في مسنده، فتعيّن الاهتمام بالمخرج منها، والنجاة فيها، ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بالاعتصام بحبل الله، ومعرفة ما أوجب وندب إليه كتابه من شرائع الإيمان وحدوده، وما نهى عنه وحرّمه من شعب الكفر والنفاق وحدوده، وقد نصّ على هذا صلّى الله عليه وسلّم، لما سأله حذيفة عن الفتن؛ فعن حذيفة: كان الناس يسألون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الخير، وأسأله عن الشرِّ، وعرفت أن الخير لن يسبقني، قلت: يا رسول الله، أبعد هذا الخير شر؟ قال: " يا حذيفة تعلّم كتاب الله، واتبع ما فيه " ثلاث مرار، قال: قلت يا رسول الله، أبعد هذا الخير شر؟ قال: " فتنة وشر "، قال قلت يا رسول الله أبعد هذا الشر من خير؟ قال: " يا حذيفة تعلّم كتاب الله، واتبع ما فيه " ثلاث مرار، قال قلت يا رسول الله أبعد هذا الشر من خير؟ قال: " هدنة على دَخَنٍ (?) ، وجماعة على أقذاء (?)