أَن يرِيه غير مَا عهد فَسَقَاهُ دَوَاء قبل الفصد وَقَالَ أَخَاف أَن تتحرك عَلَيْهِ الصَّفْرَاء فَعِنْدَ مَا شرب الدَّوَاء حمي دَمه وحم جِسْمه وَمَا زَالَ جِسْمه ينقص والعلل تتزايد إِلَى أَن نحل بدنه وَمَات بعد عشْرين شهرا من وَفَاة سلمويه

وَكَانَت وَفَاة المعتصم فِي شهر ربيع الأول سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ

قَالَ يُوسُف بن إِبْرَاهِيم قَالَ المعتصم لأبي إِسْحَق إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي فِي أول مقدمه من بلد الرّوم وَهُوَ خَليفَة يَا عَم أمورك مضطربة عَلَيْك مُنْذُ أول أَيَّام الْفِتْنَة لِأَنَّك بليت فِي أَولهَا مثل مَا شَمل النَّاس ثمَّ خصك بعد ذَلِك من خراب الضّيَاع وتخرم حُدُودهَا لاستتارك سبع سِنِين من الْخَلِيفَة الْمَاضِي مَا لَو لم يتقدمه شَيْء من الْمَكْرُوه لقد كَانَت فِيهِ كِفَايَة ثمَّ ظهر من سوء رَأْي الْمَأْمُون بعد ذَلِك فِيك مَا طم على كل مَا تقدم من الْمَكْرُوه النَّازِل بك فَزَاد ذَلِك فِي أَمرك

وفكرت فِيك فوجدتك تحْتَاج إِلَى أَن يرد عَليّ فِي يَوْم خبرك وَمَا تحْتَاج إِلَيْهِ لمصَالح أمورك

وَرَأَيْت ذَلِك لَا يتم إِلَّا بتقليدي عَن الْقيام بِرَفْع حوايجك إِلَى خَادِم خَاص بِي

وَقد وَقع اخْتِيَاري لَك على خادمين لي يصل كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَيّ فِي مجَالِس جدي وهزلي بل يصل إِلَيّ فِي مرقدي ومتوضئي وهما مسرور سمانه الْخَادِم وسلمويه بن بنان

فاختر أَيهمَا شِئْت وقلده حوايجك فَوَقع اخْتِيَاره على سلمويه وأحضره أَمِير الْمُؤمنِينَ فَأمره أَن يتَوَلَّى إِيصَال رسائله إِلَيْهِ فِي جَمِيع الْأَوْقَات

قَالَ يُوسُف فقربني أَبُو إِسْحَق بسلمويه وَكنت لَا أكاد أفارقه

وَكَانَ خُرُوج أَمِير الْمُؤمنِينَ عَن مَدِينَة السَّلَام آخر خرجاته عَن غير ذكر تقدم لخُرُوج إِلَى نَاحيَة من النواحي

وَكَانَ النَّاس قد حَضَرُوا الدكة بالشماسية لحلية السُّرُوج فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء لسبع عشرَة لَيْلَة خلت من ذِي الْقعدَة سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ

فأخرجت الْخَيل ودعا بالجمازات فركبها وَنحن لَا نشك فِي رُجُوعه من يَوْمه

ثمَّ أَمر الموَالِي والقواد باللحاق بِهِ وَلم يخرج مَعَه من أهل بَيته أحد إِلَّا الْعَبَّاس بن الْمَأْمُون وَعبد الْوَهَّاب ابْن عَليّ

وَخلف المعتصم الواثق بِمَدِينَة السَّلَام إِلَى أَن صلى بِالنَّاسِ يَوْم النَّحْر سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ

ثمَّ أَمر بِالْخرُوجِ إِلَى القاطول فَخرج

فوجهني أَبُو إِسْحَق بحوائج لَهُ إِلَى بَاب أَمِير الْمُؤمنِينَ فتوجهت فَلم يزل سيارة مرّة بالقاطول ومدية القاطول وَمرَّة بدير بني الصَّقْر وَهُوَ الْموضع الَّذِي سمي فِي أَيَّام المعتصم والواثق بالإيتاخية وَفِي أَيَّام المتَوَكل بالمحمدية

ثمَّ صَار المعتصم إِلَى سر من رأى فَضرب مضاربه فِيهَا وَأقَام بهَا فِي الْمضَارب

فَإِنِّي فِي بعض الْأَيَّام على بَاب مضرب المعتصم إِذْ خرج سلمويه بن بنان فَأَخْبرنِي أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ أمره بالمضي إِلَى الدّور وَالنَّظَر إِلَى سوار تكين الفرغاني والتقدم إِلَى متطببه فِي معالجته من عِلّة يجدهَا بِمَا يرَاهُ سلمويه صَوَابا

وَحلف عَليّ أَن لَا أفارقه حَتَّى نصير إِلَى الدّور وَنَرْجِع فمضيت مَعَه فَقَالَ لي حَدثنِي فِي غَدَاة يَوْمنَا هَذَا نصر بن مَنْصُور بن بسام أَنه كَانَ يُسَايِر المعتصم بِاللَّه فِي هَذَا الْبَلَد يَعْنِي بلد سر من رأى وَهُوَ أَمِير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015