بدقة متناهية، وقمت بضبط ألفاظه، وأوضحت ما غمض فيه من مشكلات مكمّلا ما نقص من عباراته ومتحرّيا أصحّ ما قيل في نسبة الشعر والنثر إلى أصحابه، فجشمت الأمر معتمدا في ذلك النّصب على الراحة، فكان أن ترجمت لأكثر من ثلاثماية شخصية أدبية وعلمية وفسّرت أكثر من تسعين آية قرآنية وردت جميعها في الجزئين الأول والثاني مع تحديد العديد من المواضع والأماكن؛ لأن الجزئين الثالث والرابع قام بشرحهما وضبطهما زميلي الدكتور مفيد قمحية. وبذلك خرج هذا الكتاب في ثوب قشيب لم يعتد القراء على مثله من الطبعات السابقة التي تكاد تخلو من الحواشي والتوضيحات، راجيا أن يشبع رغبات أهل العلم وملتمسا العذر منهم إن هم عثروا فيه على خطأ؛ ذلك العصمة ليست إلّا لرب العالمين.
وارتأيت أن أتمّم عملي هذا بتقديم نبذة عن سيرة المؤلّف موجزة، فأقول: هو الكاتب أبو «1» محمد عبد الله بن المسلم بن قتيبه الدّينوريّ (بكسر الدال وسكون الياء وفتح النون والواو معا وكسر الراء وتشديد الياء) سمّي بذلك لأنه ولي قضاء الدينور مدة فنسب إليها «2» . والدينور بلدة من بلاد الجبل عند قرميسين خرج منها خلق كبير «3» . وقال عنه السمعاني: إنه من أهل الدينور، أقام بها مدة فنسب إليها «4» . وقيل: المروزيّ (بفتح الميم والواو وسكون الراء ثم الزاي المكسورة والياء المشدودة) نسبة إلى مرو الشّاهجان (بسكون الهاء) ومرو الشاهجان مدينة عظمى تبعد أربعين فرسخا عن مدينة مرورّوذ، وهي إحدى كراسي خراسان، وكراسي خراسان أربع مدن؛ مرو