قدّرت الأمور على ذلك وزنتها بميزان الحكمة وقوّمتها تقويم الثّقاف، ولم تجعل للندامة سلطانا على الحلم.
وقال النابغة «1» الجعديّ: [طويل]
ولا خير في حلم إذا لم تكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا
وقال آخر: [طويل]
ولا خير في عرض امرىء لا يصونه ... ولا خير في حلم امرىء ذلّ جانبه
وقال أكثم بن صيفيّ: الانقباض من الناس مكسبة للعداوة، وإفراط الأنس مكسبة لقرناء السّوء.
روي في الحديث أن زياد بن أبي سفيان كان كاتبا لأبي موسى الأشعري فعزله عمر عن ذلك، فقال له زياد: أعن عجز عزلتني يا أمير المؤمنين أم عن خيانة؟ فقال: لا عن ذاك ولا عن هذا، ولكنّي كرهت أن أحمل على العامّة فضل عقلك. ويقال: إفراط العقل مضرّ بالجدّ «2» . ومن الأمثال المبتذلة:
إستأذن العقل على الجدّ فقال: إذهب لا حاجة بي إليك. وقال الشاعر: [وافر]
فعش في جدّ أنوك حالفته ... مقادير يساعدها الصواب
وقال آخر: [سريع]
إنّ المقادير إذا ساعدت ... ألحقت العاجز بالحازم «3»